و من فروع هذه المسألة
أنّ القضايا التي جهتها الأولويّة ليست ببرهانيّة 20، إذ لا جهة إلّا الضرورة و
الإمكان 21، اللّهمّ إلّا أن يرجع المعنى إلى نوع من التشكيك. 22
تنبيه: [الضرورة بشرط المحمول]
ما مرّ من وجوب الوجود
للماهيّة وجوب بالغير، سابق على وجودها، منتزع عنه. 23
ستجيء أيضا هذه الفقرة في
خاتمة الفصل الرابع عشر من المرحلة التاسعة، مع اختلاف يسير.
20- قوله قدّس سرّه:
«أنّ القضايا التي جهتها الأولويّة ليست ببرهانيّة»
لأنّ الأولويّة كما تبيّن
في هذا الفصل مقابلة للضرورة. و القضايا التي جهتها الأولويّة لمّا كانت غير
ضروريّة فهي ممكنة، إذ لا جهة إلّا الضرورة و الإمكان، و إذا كانت ممكنة فليست
ببرهانيّة، إذ من شرائط مقدّمات البرهان أن تكون ضروريّة. كما أنّ نتيجته أيضا
ضروريّة.
قوله قدّس سرّه: «ليست
ببرهانيّة»
أي: لا ارتباط لها
بالبرهان، فلا تكون من مقدّماته و لا من نتائجه.
21- قوله قدّس سرّه: «إذ
لا جهة إلّا الضرورة و الإمكان»
لا يخفى عليك أوّلا: أنّ
مراده من الجهة هي المادّة كما مرّ في نظائره.
و ثانيا: أنّ الضرورة هنا
أعمّ من كلّ من ضرورة الوجود و هو الوجوب و ضرورة العدم و هو الامتناع، و بذلك صحّ
الحصر.
و القائل بالأولويّة كما
ينكر ضرورة وجود المعلول بوجود علّته التامّة ينكر ضرورة عدمه بعدمها.
22- قوله قدّس سرّه:
«اللّهمّ إلّا أن يرجع المعنى إلى نوع من التشكيك»
أي: يرجع معنى الأولويّة
في القضايا التي جهتها الأولويّة.
قوله قدّس سرّه: «اللّهمّ
إلّا أن يرجع المعنى إلى نوع من التشكيك»
فإنّ التشكيك على أنواع:
كالتشكيك بالأشدّيّة و الأضعفيّة و الأكثريّة و الأقلّيّة و الأقدميّة و عدمها. و
منها التشكيك بالأولويّة و عدمها، كما تقول: «أللّه تعالى موجود بالأولويّة» حيث
إنّه الوجود المتأكّد الشديد المستقلّ الذي يكون سائر الموجودات موجودة به متقوّمة
بوجوده، و الأولويّة بهذا المعنى لا تنافي الضرورة، فالقضايا التي قيّدت
بالأولويّة بهذا المعنى برهانيّة إذا كانت ضروريّة. و لا يخفى أنّ المراد بالتشكيك
هنا التشكيك المنطقيّ.