و الفعليّة الكلّيّة 26،
المساوية للموجود المطلق؛ أو تكون أحوالا هي أخصّ من الموجود المطلق، لكنّها و ما
يقابلها جميعا تساوي الموجود المطلق، كقولنا: «الموجود إمّا خارجيّ أو ذهنيّ» و
«الموجود إمّا واحد أو كثير» و «الموجود إمّا بالفعل أو بالقوّة»، و الجميع، كما
ترى، امور غير خارجة من الموجوديّة المطلقة. و المجموع من هذه الأبحاث هو الذي
نسمّيه «الفلسفه». 27
و قد تبيّن بما تقدّم:
أوّلا: أنّ الفلسفة أعمّ
العلوم جميعا، لأنّ موضوعها أعمّ الموضوعات 28، و هو «الموجود»
نفسه، من دون أن يضاف و
يقاس إلى شيء آخر. و هذه الوحدة تساوق الوجود، و ليس لها مقابل موجود، و تشمل
الواحد و الكثير كليهما.
و ذلك بخلاف الوحدة
النسبيّة، حيث: إنّها مقابلة للكثير، و لا تشمله. و سيأتي توضيح ذلك في تنبيه
الفصل الأوّل من المرحلة السابعة.
26- قوله قدّس سرّه: «و
الفعليّة الكلّيّة»
أي: الفعليّة التي تشمل
كلّ موجود- كالوحدة العامّة- و هي الفعليّة المطلقة، فإنّ كلّ موجود، فهو في نفسه
أمر بالفعل، حتّى الموجود بالقوّة، كالنطفة و البذرة و أمثالهما؛ فإنّ الموجود
بالقوّة أيضا في نفسه أمر بالفعل، و إنّما يكون بالقوّة بالنسبة إلى ما يكون هو
قوّة له.
فما بالفعل بهذا المعنى
يشمل الموجود بالقوّة أيضا.
و هذا بخلاف الفعليّة
النسبيّة- الإضافيّة- التي تقابل القوّة و لا تشملها. فالحيوان مثلا ذو فعليّة
بالنسبة إلى النطفة، و النطفة موجودة بالقوّة بالنسبة إليه لا فعليّة لها.
27- قوله قدّس سرّه: «و
المجموع من هذه الأبحاث هو الذي نسمّيه الفلسفة»
في إطلاقها الشائع اليوم.
و هي أخصّ من الفلسفة بإطلاقها في الغابر، فإنّها كانت عنوانا عامّا لجميع العلوم
و الفنون. حيث كانوا يعرّفونها تارة، بصيرورة الإنسان عالما عقليّا مضاهيا للعالم
العينيّ. و اخرى بالعلم بأحوال أعيان الموجودات على ما هي عليه بقدر الطاقة
البشريّة، و كانوا يقسّمونها على ما كان مشهورا بينهم إلى العمليّة و النظريّة، و
يقسّمون العمليّة إلى الأخلاق و تدبير المنزل و سياسة المدن، و يقسّمون النظريّة
إلى الطبيعيّة و الرياضيّة و الإلهيّة. و يسمّون الأخيرة بالفلسفة الاولى و العلم
الأعلى أو العلم الكلّيّ. و في زماننا هذا تطلق الفلسفة على هذه الأخيرة فقط، كما
أطلقها المصنّف قدّس سرّه.