أوّلا: أنّ الوجود
الواجبيّ وجود صرف، لا ماهيّة له، و لا عدم معه؛ فله كلّ كمال في الوجود. 25
و ثانيا: أنّه واحد وحدة
الصرافة 26، و هي المسمّاة بالوحدة الحقّة 27، بمعنى أنّ كلّ ما فرضته ثانيا له
امتاز عنه بالضرورة بشيء من الكمال ليس فيه، فتركّبت الذات من وجود و عدم، و خرجت
عن محوضة الوجود و صرافته، و قد فرض صرفا، هذا خلف، فهو في ذاته البحتة بحيث كلّما
فرضت له ثانيا عاد أوّلا. و هذا هو المراد بقولهم: إنّه واحد لا بالعدد.
25- قوله قدّس سرّه:
«فله كلّ كمال في الوجود»
أي: فإنّ له كلّ كمال ممكن
في الوجود. فهو تعليل لكونه صرفا.
و المراد بالكمال كلّ كمال
مفروض يكون ممكنا له تعالى، لا خصوص كلّ كمال متحقّق في الوجود، كما لا يخفى. فهذه
الجملة من لوازم قولنا: واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات، أو تعبير
آخر عنه.
26- قوله قدّس سرّه:
«واحد وحدة الصرافة»
قال شيخنا المحقّق- دام
ظلّه- في التعليقة:
«اعلم أنّ الصرافة قد
تستعمل في المهيّات و يراد بها خلوصها عن كلّ ما هو خارج عنها من العوارض اللازمة
و المفارقة، ثمّ يقال «صرف الشيء لا يتثنّى و لا يتكرّر» و مفاده أنّ كلّ مهيّة
بصرف النظر عن عوارضها واحدة وحدة ماهويّة و مفهوميّة، و موطن هذه الصرافة و الوحدة
هو الذهن فقط، لأنّ المهيّة مخلوطة في الخارج- كما سيأتي في البحث عن اعتبارات
المهيّة- و قابلة للكثرة بتكثّر أفرادها. و قد تستعمل الصرافة في الوجود فيراد بها
خلوصه عن الجهات الماهويّة و العدميّة، أعني كونه بحيث لا يستطيع العقل انتزاع
مفهوم ما هويّ أو عدميّ عنه، و مرجعها إلى الكمال و اللاتناهي المطلقين. و يختصّ
الوجود الصرف بالواجب تبارك و تعالى، لأنّه هو الذي لا مهيّة له و لا عدم فيه.»
انتهى كلامه- دام ظلّه-.
27- قوله قدّس سرّه: «هي
المسمّاة بالوحدة الحقّة»
و هي الوحدة الّتي تكون
عين ذات موصوفها، فيستحيل معها فرض التكثّر فيه. فراجع الفصل الثاني من المرحلة
السابعة، و كذا الفصل الثاني من المرحلة الثانية عشرة من بداية الحكمة.