نعم لوجود هذه النسب و
الإضافات ارتباط واقعيّ به تعالى 23، و الصفات المأخوذة منه للذات واجبة بوجوبه؛
فكونه تعالى بحيث يخلق، و كونه بحيث يرزق، إلى غير ذلك، صفات واجبة؛ و مرجعها إلى
الإضافة الإشراقيّة. و سيأتي تفصيل القول فيه فيما سيأتي، إن شاء اللّه تعالى. 24
22- قوله قدّس سرّه:
«معان منتزعة من مقام الفعل لا من مقام الذّات»
توضيحه: أنّ إضافة الواجب
إلى أفعاله ليست إضافة مقوليّة حتّى تنتزع الصفات المذكورة من الإضافة القائمة
بالطرفين- الواجب و فعله- و إنّما هي إضافة إشراقيّة يكون الفعل نفسه إضافة إلى
الواجب. فالصفات المذكورة إنّما تنتزع من الفعل.
فخلقه تعالى ليس إلّا
إيجاده تعالى للمخلوق، و إيجاده المخلوق ليس إلّا نفس وجود المخلوق؛ لأنّ الإيجاد
هو وجود المخلوق حقيقة، و إنّما يختلفان بالاعتبار، حيث إنّ وجود المخلوق بالنسبة
إلى نفسه وجود، و بالنسبة إليه تعالى إيجاد.
ثمّ لا يخفى عليك: أنّ
المراد بالمعنى هنا هو الأمر القائم بالغير، و هو الوصف.
23- قوله قدّس سرّه:
«نعم لوجود هذه النسب و الإضافات ارتباط واقعيّ به تعالى»
حاصله: أنّ صفات الفعل، و
إن كانت صفات للفعل حقيقة و ليست بصفات له تعالى حقيقة، و إنّما تنسب إليه تعالى
باعتبار نسبة الفعل إلى ذاته تعالى، لكن لها أصل يتّصف به الذات حقيقة، إذ هو من
صفات الذات. و ذلك الأصل هو القدرة.
فكونه تعالى بحيث إن كان
هناك خلق فهو خالقه و إن كان هناك رزق فهو رازقه و إن كان هناك هبة فهو واهبه و
جامع جميع ذلك هي القدرة، من صفات ذاته تعالى:
و كلّ من صفات الفعل كما يستعمل
بمعانيها التي هي صفات الفعل، يستعمل بمعنى القدرة عليها- و ليس ذلك إلّا لأنّ
القدرة أصل جميع صفات الفعل في ذاته تعالى- فالخالق بمعنى القادر على الخلق صفة
ذاتيّة واجبة بوجوب الذات، و هو أصل للخالق بمعنى الفاعل للخلق الذي هو صفة من
صفات الفعل خارج عن الذات.
24- قوله قدّس سرّه:
«سيأتي تفصيل القول فيه فيما سيأتي إن شاء اللّه تعالى»