هي 22، فكلّ ممكن فهو ذو
ماهيّة 23. و بذلك يظهر معنى قولهم: «كلّ ممكن زوج تركيبيّ له ماهيّة و وجود». 24
22- قوله قدّس سرّه:
«ليس إلّا الماهيّة من حيث هي»
أقول بل هو كلّ ما كان غير
الوجود و العدم. فإنّ كلّ ما يفرض غير الوجود و العدم، خلو عن الوجود و العدم، إذ
لم يؤخذ الوجود أو العدم في حدّه، فكما أنّ الإنسان خلو في حدّ ذاته عن الوجود و
العدم، فكذلك العلّة و الوحدة و سائر المعقولات الثانية الفلسفيّة و المنطقيّة.
و الحاصل أنّه إذا كان
مجرّد كون الشىء خلوا من الوجود و العدم؛ بمعنى عدم كون الوجود أو العدم مأخوذا
في ذاته كافيا لاتّصافة بالإمكان و مصحّحا له فكلّ ما هو غير الوجود و العدم خلو
عنهما و لا بدّ أن يتّصف بالإمكان. و لا يختصّ ذلك بالماهيّة.
فإذن ما ورد من أنّ
الماهيّة من حيث هي ليست إلّا هي و إن كان صحيحا، إلّا أنّ هذا الحكم لا يختصّ
بالماهيّة فإنّ كلّ ما فرضته، فهو من حيث هو لا يكون إلّا هو.
قوله قدّس سرّه: «و ليس
إلّا الماهيّة من حيث هي»
يعني: أنّ العقل يعتبر
الماهيّة الموجودة مقطوع النظر عن وجودها، و بذلك تتّصف الماهيّة و هي موجودة
بالإمكان. كما أنّه يتّصف الإنسان من حيث هو بالحيوان و لكن عند ما يكون موجودا.
فلا منافاة بين ما ذكره
هيهنا، من أنّ موضوع الإمكان هي الماهيّة من حيث هي، و بين ما مرّ قبل سطور، من
أنّ موضوع الإمكان موجود و يتساوى بذلك السلب التحصيليّ و الإيجاب العدوليّ.
23- قوله قدّس سرّه:
«فكلّ ممكن فهو ذو ماهيّة»
لأنّ الإمكان و إن كان صفة
للموجود، كما هو مقتضى انقسام الموجود إلى الواجب و الممكن، إلّا إمكان الموجود
الممكن وصف لماهيّته بالحقيقة، و يتّصف وجوده به بالعرض، من جهة أنّ حكم أحد
المتّحدين يسري إلى الآخر.
24- قوله قدّس سرّه:
«كلّ ممكن زوج تركيبيّ له ماهيّة و وجود»
أمّا الماهيّة، فلأنّ
الإمكان وصف لها بالحقيقة، و أمّا الوجود، فلأنّ الممكن قسم من الموجود، حيث إنّ
الموجود ينقسم إلى الواجب و الممكن، و إن كان إمكان الموجود الممكن إنّما هو
لماهيّته، و أمّا وجوده فهو ضروريّ بالضرورة الذاتيّة.
و من هنا يظهر، أنّ
الموجود في قولنا: «الموجود ممكن» هو الموجود بالعرض، و هي الماهيّة.