و ليس له من نفسه إلّا
الإبهام 10. فحدود الجواهر و الأعراض ماهيّات جوهريّة و عرضيّة بقياس بعضها إلى
بعض و بالنظر إلى أنفسها، و روابط وجوديّة بقياسها إلى المبدأ الأوّل، تبارك و
تعالى، و هي في أنفسها مع قطع النظر عن وجودها لا مستقلّة و لا رابطة.
الثاني: أنّ من الوجودات
الرابطة ما يقوم بطرف واحد، كوجود المعلول بالقياس إلى علّته؛ كما أنّ منها ما
يقوم بطرفين، كوجودات سائر النسب و الإضافات. 11
10- قوله قدّس سرّه: «و
ليس له من نفسه إلّا الإبهام»
أي: في الاستقلال و عدمه،
لا في أصل المفهوميّة. كما لا يخفى.
و بالجملة: إنّ المفهوم
إذا اعتبر في حدّ نفسه يكون لا بشرط بالنسبة إلى كلّ من الاستقلال و الربط.
ثمّ لا يخفى عليك: أنّ
المفهوم و إن كان لا يتحقّق في الذهن إلّا رابطا أو مستقلّا و لا يخلو عنهما أبدا.
فإنّه إمّا منتزع عن وجود مستقلّ فيكون مستقلّا و إمّا منتزع عن وجود رابط فيكون
رابطا، إلّا أنّ المراد من كونه لا بشرط أنّ العقل يعتبره وحده، بقطع النظر عمّا
انتزع عنه، فيجده غير مشروط بالربط أو الاستقلال.
و هذا نظير ما يقال: إنّ
الماهيّة في حدّ ذاتها ممكنة، أي مسلوبة عنها الضرورتان، مع أنّها لا تخلو في
الواقع و نفس الأمر عن الوجود و العدم إذ إنّها إمّا موجودة محفوفة بضرورتين، أو
معدومة محفوفة بامتناعين، كما سيأتي في تنبيه الفصل الخامس من المرحلة الرابعة، و
لكنّ للعقل أن يقطع النظر عن وجودها و عدمها، و يراها وحدها، فيجدها لا بشرط
بالنسبة إلى كلّ من الوجود و العدم، فيصفها بالإمكان.
11- قوله قدّس سرّه:
«كوجودات سائر النسب و الإضافات»
لا يخفى عليك: أنّ الإضافة
هنا بمعناها اللغويّ و هي النسبة التي يطلق عليها في مصطلحهم اسم الوجود الرابط، و
هي غير الإضافة التي هي من المقولات، فإنّها هيأة حاصلة من النسبة المتكرّرة،
فالابوّة و البنوّة مثلا، و هما هيأتان عارضتان لزيد و عمرو، إضافتان مقوليّتان، و
نفس النسبة الموجودة بينهما، القائمة بهما إضافة بالمعنى اللغويّ، و وجود رابط.
و سيأتي من المصنّف قدّس
سرّه التصريح بما ذكرنا في الفصل السادس عشر من المرحلة السادسة.
ثمّ هذه الإضافة- و هي
الإضافة بالمعنى اللغويّ- تنقسم إلى:
1- ما يكون كلّ من الطرفين
فيها مستقلّا عن الآخر، لا علّية و لا معلوليّة بينهما، و تكون