الثالث: [أنّ القضايا
المشتملة على الحمل الأوّليّ، لا رابط فيها، إلّا بحسب الاعتبار الذهنيّ فقط]
أنّ القضايا المشتملة
على الحمل الأوّليّ، كقولنا: الإنسان إنسان، لا رابط فيها، إلّا بحسب الاعتبار
الذهنيّ فقط. 16 و كذا الهليّات البسيطة 17، كقولنا: الإنسان موجود؛ إذ لا معنى
لتحقّق النسبة الرابطة بين الشيء و نفسه. 18
لعلّ مراده قدّس سرّه هي
المركّبات التقييدية الّتي أشار إليها في صدر الفصل، و هي الّتي تكون مأخوذة من
القضايا. و أمّا غيرها من المركّبات التقييديّة، نظير قولنا: غلام زيد و ثوب عمرو
و نحو ذلك، فربّما يصعب تصوير الاتّحاد بين أطرافها. حيث إنّه لا يمكن حمل أحدهما
على الآخر.
16- قوله قدّس سرّه:
«الإنسان إنسان، لا رابط فيها إلّا بحسب الاعتبار الذهنيّ فقط»
أي: لا رابط في أنفسها و
لا في مطابقاتها إلّا بحسب الاعتبار الذهنيّ. و أمّا بحسب هذا الاعتبار فتحقّق
النسبة فيها و في مطابقاتها جميعا.
أمّا في أنفسها فلأنّ
الذهن بعد ما تصوّر الإنسان مثلا يلاحظه ثانيا فيجعل الأوّل موضوعا و الثاني
محمولا، و يحكم بوجود الاتّحاد الذاتيّ بينهما، و هي النسبة.
و أمّا في مطابقاتها
فلأنّه يعتبر الإنسان مثلا أوّلا كذات، ثمّ يعتبره كوصف، و يرى النسبة الاتّحادية
بينهما. فوجود الرابط إنّما هو بحسب الاعتبار، كما أنّ تغاير الطرفين أيضا كذلك.
17- قوله قدّس سرّه: «و
كذا الهليّات البسيطة»
يعني أنّها لا رابط في
أنفسها و لا في مطابقاتها أيضا. إلّا بحسب الاعتبار الذهنيّ.
حيث إنّ المحمول فيها هو
وجود الموضوع، و وجود الشيء نفسه، و لا يتصوّر النسبة بين الشيء و نفسه. و لكنّ
العقل يعتبر الماهيّة و شبهها- التي هو الموضوع- شيئا، و الوجود شيئا آخر، فيعتبر
وجود النسبة بينهما.
و لكنّ الحقّ: أنّ
النسبة فيها أيضا موجودة بين الموضوع و المحمول في الذهن، أي إنّ القضيّة مركّبة
من الموضوع و المحمول و النسبة، لما أنّ مفهوم الوجود غير مفهوم الماهيّة و نحوها
التي هي الموضوع، و قد مرّ أنّ الوجود زائد على الماهيّة. فالعقل يتصوّر الإنسان،
و يتصوّر الوجود، ثمّ يرى وجود النسبة بينهما، فيحكم بأنّ الإنسان موجود.
نعم لا رابط في مطابقها.
حيث إنّه ليس في الخارج إلّا أمر واحد، هو الماهيّة أو الوجود. و إذا قلنا
بوجودهما فهما موجودان بوجود واحد، لأنّ الوجود عين الماهيّة في الخارج، و لا يعقل
وجود النسبة بين الشيء و نفسه.
18- قوله قدّس سرّه: «إذ
لا معنى لتحقّق النسبة الرابطة بين الشيء و نفسه»
تعليل لعدم وجود الرابطة
في القضايا المشتملة على الحمل الأوّليّ و الهليّات البسيطة،