النقيضين ممكن بالحمل
الأوّليّ 27، ممتنع بالحمل الشائع؛ و اللاثابت في الذهن لا ثابت فيه بالحمل
الأوّليّ 28، ثابت فيه بالحمل الشائع.
الحمل الأوّليّ كون الشيء
هو هو، أي كون الموضوع هو نفس المحمول ماهيّة و مفهوما. و مفاد الحمل الشائع كون
الموضوع مصداقا للمحمول. هذا.
و لكن يمكن دفع التناقض
بوجه آخر هو اختلاف الموضوع كما مرّ آنفا بأن يراد بالجزئيّ في الأولى الجزئيّ
بالحمل الشائع، أي مصداق الجزئيّ؛ فإنّ مصداق الجزئيّ جزئيّ، و يراد به في الثانية
الجزئيّ بالحمل الأوّليّ، أي مفهوم الجزئيّ؛ فإنّ مفهوم الجزئيّ كلّيّ، إذ يصدق
على زيد و عمرو و بكر و ...
و لا يخفى: أنّه لا يمكن
حمل كلام المصنّف قدّس سرّه على هذا الوجه، و إلّا لقال: فالجزئيّ بالحمل الشائع
جزئيّ، و الجزئيّ بالحمل الأوّليّ كلّيّ.
لا يخفى: أنّ الحمل في كلتا
القضيّتين شائع- فدفع التناقض إنّما هو باختلاف الموضوع، فقيدا بالحمل الأوّليّ و
بالحمل الشائع يرجعان إلى الموضوع؛ أي: اجتماع النقيضين بالحمل الأوّليّ- و هو
مفهوم اجتماع النقيضين- ممكن؛ و اجتماع النقيضين بالحمل الشائع- أي مصداق اجتماع
النقيضين- ممتنع. فكان عليه أن يأتي بالقيدين بعد الموضوع و قبل المحمول.
28- قوله قدّس سرّه: «و
اللاثابت في الذهن لا ثابت فيه بالحمل الأوّليّ»
ما ذكرناه في مسألة
«الجزئيّ جزئيّ و كلّيّ» جار بعينه في هذه المسألة، طابق النعل بالنعل و القذّة
بالقذّة.
نعم! لا يخفى وجود فرق
بينهما، و هو أنّ الموضوع للكلّيّة هو مفهوم الجزئيّ بما أنّه مفهوم و وجود ذهنيّ،
و الموضوع للثبوت هو مفهوم اللاثابت بما أنّه وجود خارجيّ و علم، أي بما أنّه أمر
ثابت في الذهن.
و بعبارة اخرى: الموضوع في
الأوّل هو المفهوم من جهة أنّه ما به ينظر، و في الثاني هو المفهوم من حيث إنّه ما
فيه ينظر.