وجه الاندفاع أن قاعدة الفرعية ، إنما
تجري في ثبوت شيء لشيء ، ومفاد الهلية البسيطة ثبوت الشيء ، لا ثبوت شيء لشيء ، فلا
تجري فيها القاعدة.
الفصل الخامس
في الغيرية والتقابل
قد تقدم أن من عوارض الكثرة الغيرية ، وهي
تنقسم إلى غيرية ذاتية وغير ذاتية ، والغيرية الذاتية هي ، كون المغايرة بين الشيء
وغيره لذاته ، كالمغايرة بين الوجود والعدم وتسمى تقابلا ، والغيرية غير الذاتية ،
هي كون المغايرة لأسباب أخر غير ذات الشيء ، كافتراق الحلاوة والسواد في السكر والفحم
، وتسمى خلافا.
وينقسم التقابل وهو الغيرية الذاتية ، وقد
عرفوه بامتناع اجتماع شيئين في محل واحد ، من جهة واحدة في زمان واحد ، إلى أربعة
أقسام ، فإن المتقابلين إما أن يكونا وجوديين أو لا ، وعلى الأول إما أن يكون كل
منهما ، معقولا بالقياس إلى الآخر ، كالعلو والسفل فهما متضائفان ، والتقابل تقابل
التضايف ، أو لا يكونا كذلك كالسواد والبياض ، فهما متضادان والتقابل تقابل التضاد
، وعلى الثاني يكون أحدهما وجوديا والآخر عدميا ، إذ لا تقابل بين عدميين ، وحينئذ
إما أن يكون هناك موضوع قابل لكل منهما ،
[١] هذا الجواب لصدر
المتألهين (رحمه الله) *. وقد تخلص الدواني عن الإشكال بتبديل الفرعية بالاستلزام
، فقال : " ثبوت شئ لشئ مستلزم لثبوت المثبت له ، فلا إشكال في الهلية البسيطة
، لأن ثبوت الوجود للماهية مستلزم لثبوت الماهية بهذا الوجود ". وفيه : أنه
تسليم لورود الإشكال على القاعدة. وعن الإمام الرازي أن القاعدة مخصصة بالهلية
البسيطة. وفيه : أنه تخصيص في القواعد العقلية. ـ منه (رحمه الله) ـ.