نام کتاب : مناهج اليقين في أصول الدين نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 282
البحث الثامن في أنه
تعالى مدرك
قد بينا فيما سلف من
كتابنا أن السمع و البصر لا يتوقفان على الانطباع و الشعاع و لا على تموّج الهواء
الواصل الى سطح الصماخ، خلافا للأوائل، و إن توقف شاهدا فجاز أن يكون في الغائب
غير مشروط بهما و كذلك في بقية الحواس.
و إذا لم يتوقف على ذلك لم
يكن في العقل مانع من وصف الباري تعالى بالإدراك، و القرآن وارد بوصفه به، فيجب
المصير إليه حتى يأتي دليل عقلي يمنع من إجرائه عليه تعالى، فيجب التأويل، و الخصم
إذن في مقام التوقف من دون الدليل، و الأوائل لما اشرطوا[1] في الإدراك الآلات مطلقا و كانت ممتنعة في حقه تعالى نفوا الإدراك
عنه.
و الأشاعرة قد احتجوا
بدليل عقلي على ذلك[2]،
فقالوا: الباري تعالى حيّ و كل حيّ يصح وصفه بالإدراك و كل من يصح وصفه به فإنه
يجب اتصافه به أو بضده، و ضده العمى و الصم و عدم الشم الى غير ذلك و هي نقائص في
حق اللّه تعالى، فيجب وصفه بالضد.
و هذا الدليل مدخول من
وجوه: أحدها: لا نسلم أن كل حي فإنه يصح وصفه بالسمع و البصر، و القياس على
الشاهد لا يقتضي[3] اليقين على ما أوضحناه في كتبنا
المنطقية.
الثاني: ان في الشاهد كل حي، فإنه يوصف باللذة أو بضدها أعني الألم،