أحدهما أنه يقول: يجوز
التفضل بمثل الأعواض غير أنه تعالى علم أنه لا ينفعه عوض إلا على ألم متقدم.
و الوجه الثاني أنه إنما
يحسن ذلك لأن العوض مستحق، و التفضل غير مستحق و الثواب عندهم ينفصل عن التفضل
بأمرين:
أحدهما: تعظيم و إجلال للمثاب
يقترن بالنعيم.
و الثاني: قدر زائد على
التفضل بزيادة مقدار و لا بزيادة صفة.
و قال ابنه: يحسن الابتداء
بمثل العوض تفضلا، و العوض منقطع غير دائم.
و قال الجبائي: يجوز أن
يقع الانتصاف من اللّه تعالى للمظلوم من الظالم بأعواض يتفضل بها عليه إذا لم يكن
للظالم على اللّه عوض لشيء ضره به.
و زعم أبو هاشم أن التفضل
لا يقع به انتصاف، لأن التفضل ليس يجب عليه فعله.
و قال الجبائي و ابنه: لا
يجب على اللّه شيء لعباده في الدنيا إذا لم يكلفهم عقلا و شرعا. فأما إذا كلفهم
فعل الواجب في عقولهم، و اجتناب القبائح، و خلق فيهم الشهوة للقبيح و النفور من
الحسن، و ركب فيهم الأخلاق الذميمة؛ فإنه يجب عليه عند هذا التكليف إكمال العقل، و
نصب الأدلة، و القدرة، و الاستطاعة، و تهيئة الآلة؛ بحيث يكون مزيحا لعللهم فيما
أمرهم، و يجب عليه أن يفعل بهم ادعى الأمور إلى فعل ما كلفهم به، و أزجر الأشياء
لهم عن فعل القبيح الذي نهاهم عنه.