* فالصابئة: كانت تقول،
إنا نحتاج في معرفة اللّه تعالى، و معرفة طاعته و أوامره و أحكامه إلى متوسط، لكن
ذلك المتوسط يجب أن يكون روحانيا لا جسمانيا، و ذلك لزكاء الروحانيات و طهارتها، و
قربها من رب الأرباب. و الجسماني بشر مثلنا: يأكل مما نأكل، و يشرب مما نشرب،
يماثلنا في المادة و الصورة. قالوا: وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ
بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ
«3».
* و الحنفاء: كانت تقول:
إنا نحتاج في المعرفة و الطاعة إلى متوسط من جنس البشر تكون درجته في الطهارة و
العصمة و التأييد و الحكمة فوق الروحانيات، يماثلنا من حيث البشرية، و يمايزنا من
حيث الروحانية، فيتلقى الوحي بطرف الروحانية، و يلقي إلى نوع الإنسان بطرف
البشرية، و ذلك قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أَنَا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ «4» و قال عز ذكره:
قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا
«5».