و إنما أظهر ابن سبأ هذه
المقالة بعد انتقال عليّ رضي اللّه عنه و اجتمعت عليه جماعة، و هم أول فرقة قالت
بالتوقف، و الغيبة، و الرجعة، و قالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد عليّ رضي
اللّه عنه، قال: و هذا المعنى مما كان يعرفه الصحابة و إن كانوا على خلاف مراده،
هذا عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كان يقول فيه حين فقأ عين واحد بالحد في الحرم و
رفعت القصة إليه: ما ذا أقول في يد اللّه فقأت عينا في حرم اللّه؟ فأطلق عمر اسم
الإلهية عليه لما عرف منه ذلك.
(ب) الكاملية[1]: أصحاب أبي كامل[2]، أكفر جميع الصحابة بتركها بيعة علي
رضي اللّه عنه، و طعن في علي أيضا بتركه طلب حقه، و لم يعذره في القعود، قال: و
كان عليه أن يخرج و يظهر الحق، على أنه غلا في حقه و كان يقول: الإمامة نور يتناسخ
من شخص إلى شخص، و ذلك النور في شخص يكون نبوة، و في شخص يكون إمامة، و ربما
تتناسخ الإمامة فتصير نبوة، و قال بتناسخ الأرواح وقت الموت.
و الغلاة على أصنافها كلهم
متفقون على التناسخ و الحلول، و لقد كان- و كان ابن سبأ مع بعض أتباعه يزعمون أن
عليا في السحاب و أن الرعد صوته و من سمع من هؤلاء صوت الرعد قال: عليك السلام يا
أمير المؤمنين. و في هذه الطائفة قال إسحاق بن سويد العدوي قصيدته التي برئ فيها
من الخوارج و الروافض و القدرية و منها:
برئت من الخوارج لست منهم
من الغزّال منهم و ابن باب
و من قوم إذا ذكروا عليا
يردّون السلام على السحاب
و لكني أحبّ بكل قلبي
و أعلم أن ذاك من الصواب
رسول اللّه و الصديق حبّا
به أرجو غدا حسن الثواب
(راجع الفرق بين الفرق
ص 233 و ما بعدها).
[1] راجع في شأن هذه
الفرقة. (الفرق بين الفرق ص 54 و التبصير ص 21) و لم يذكر الأشعري في مقالات
الإسلاميين الكاملية بين فرق الرافضة.
[2] هو القائل بتكفير
الصحابة بترك نصرة عليّ و تكفير عليّ بترك طلب حقّه. و في الشفاء: الكميلية بتصغير
كامل على كميل. و نسبوا إليه خلاف القياس، تصغير تحقير. و الكاملية شرّ الروافض.
(التاج 8: 104).