responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 92

المتعلقة، و يستحيل تقديرها دون متعلق لها، فإن فرضنا قدرة متقدمة، و فرضنا مقدورا بعدها في حالتين متعاقبتين فلا يتقرر على أصول المعتزلة تعلق القدرة بالمقدور. فإنا إذا نظرنا إلى الحالة الأولى، فلا يتصور فيها وقوع المقدور، و إن نظرنا إلى الحالة الثانية فلا تعلق للقدرة فيها. فإذا لم يتحقق في الحالة الأولى إمكان، و لم يتقرر في الحالة الثانية اقتدار، فلا يبقى لتعلق القدرة معنى.

و نعتضد بعد ذلك بوجهين، أحدهما أن المقدور لا يخلو: إما أن يكون عدما، و إما أن يكون وجودا؛ و يستحيل كونه عدما فإنه نفي محض، و الموجود عند المخالفين غير مقدور. و الوجه الثاني أنهم زعموا أن الحادث بمثابة الباقي في استحالة كونه مقدورا. ثم الإمكان في الحالة الأولى من وجود القدرة، و الحالة المتوقعة بعدها ليست حالة تعلق القدرة؛ فإن ساغ ذلك فليكن الباقي مقدورا في الحالة الأولى من القدرة، كما أن الحادث مقدور قبل وقوعه في الحالة الأولى من القدرة، و لا محيص لهم عن ذلك.

فإن قالوا: الحادث واقع كائن، و الحاجة تمس إلى القدرة للإيقاع بها؛ و إذا تحقق وقوع الحادث بها انتفت الحاجة إلى القدرة، و ينزل الحادث منزلة الباقي المستمر. قلنا: هذا الذي ذكرتموه يبطل بالحكم المعلل بالعلة الموجبة له، فإن الحكم في حال ثبوته تقارنه العلة، و ليس لقائل أن يقول: إذا ثبت الحكم لم يحتج مع ثبوته إلى تقدير علة مقارنة له. و كذلك السبب المولّد، قد يقارن وقوع المسبب و يجب ذلك فيه، كما نذكره بعد الاستطاعة إن شاء اللّه عز و جل.

ثم حق العاقل أن يفرض في تصوره ثلاثة أحوال: حالة عدم، و حالة حدوث بعدها، و حالة بقاء بعد الحدوث. فأما حالة العدم فجارية على استمرار الانتفاء؛ و أما الحالة الثانية فلو كانت لا تتعلق بالقدرة فيها لاستمر العدم، فلما تعلقت القدرة كان الوجود بدلا من العدم المجوز استمراره؛ و أما الحالة الثالثة، فقد استمر الوجود فيها، فلا حاجة إلى تقدير تعلق القدرة.

ثم، قد التزمت المعتزلة أمرا لا خفاء ببطلانه، فقالوا: إذا تقدمت القدرة على المقدور بحالة واحدة، فيجوز أن يقع في الحالة الثانية عجز مضاد للقدرة. ثم العجز يظهر أثره في الحالة الثالثة من وجود القدرة، و هي الحالة الثانية من وجود العجز، فيجوز عندهم وقوع المقدور في الحالة الثانية، مع العجز. و كذلك لو مات القادر في الحالة الثانية، تصور وقوع المقدور مع الموت، إذ لم يكن الفعل المقدور مشروطا بالحياة. و لا يرتضي عاقل ركوب هذه الجهالة.

فإن قيل: كل صفتين متعلقتين متضادتين، فإنهما يثبتان على قضية واحدة مع التناقض في التعلق. فإذا حكمتم بأن القدرة الحادثة تقارن المقدور، فيلزمكم أن تحكموا بمقارنة العجز المعجوز عنه، و ذلك مستحيل، فإن المرء يعجز عما يتوقعه في المآل. و قد جبن بعض أصحابنا و حكم بأن العجز يتقدم على المعجوز عنه، بخلاف القدرة، و ذلك باطل: فإن العجز ينبغي أن يتعلق على حسب تعلق القدرة، مع التناقض المعتقد بين الضدين، و لذلك لا يتصور العجز عما لا يتصور الاقتدار عليه.

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست