responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 166

بلدهم بأن ملكهم قد قتل فنضطر إلى صدقهم و إذا أخبروا عن ذلك في أقاصي ديارهم، علمنا صدقهم عند شرائط التواتر و لا يشترط أن يكون المخبرون على تنائي الديار. فإن أهل البلدة الواحدة إذا أخبرونا. و هم الجم الغفير، علمنا صدقهم، و إن كانت البلدة جامعة لهم. و بمثل ذلك لا يشترط أن يشتمل المخبرون على أهل الملل فإن أهل بغداد مثلا لو أخرجوا من بين أظهرهم كل ذمي، ثم أخبروا عن واقعة جرت، فإنا نصدقهم مع تمسكهم بالملة الواحدة، و بمثل ذلك يعلم أن المخبرين يجوز أن يكونوا تحت ذمة.

و قصدنا بما أشرنا إليه من نفي هذه الشرائط، الرد على اليهود، فإنهم ربما يشترطون هذه الشروط، و يحاولون بها القدح فيما نروم إثباته من معجزات رسولنا صلى اللّه عليه و سلّم، فهذا القدر غرضنا من خبر التواتر.

و كل خبر لم يبلغ مبلغ التواتر فلا يفيد علما بنفسه، إلا أن يقترن به ما يوجب تصديقه مثل أن يوافق دليلا عقليا، أو تؤيده معجزة، أو قول مؤيد بمعجزة تصدقه. و كذلك إذا تلقت الأمة خبرا بالقبول، و أجمعوا على صدقه. فنعلم صدقه. فإن فقد ما ذكرناه، و لم يكن الخبر متواترا، فهو المسمي، خبر الواحد في اصطلاح المتكلمين؛ و إن نقله جمع.

و مما تترتب عليه الإمامة القطع بصحة الإجماع؛ و هذا ما لا مطمع في تقريره هاهنا، و قد ذكرناه في كتاب التلخيص في أصول الفقه ما يدل على صحة الإجماع؛ و لكنا نعضد هذا المعتقد بقاطع في صحة إثبات الإجماع، جريا على ما التزمناه من إيراد القواطع، في كل ركن فنقول:

إذا أجمع علماء الأمصار على حكم شرعي، و قطعوا به، فلا يخلو ذلك الحكم إما أن يكون مظنونا لا يتوصل إلى العلم به، و إما أن يكون مقطوعا به؛ فإن كان مقطوعا به على حسب اتفاقهم، فهو المقصود؛ و إن كان مظنونا لا سبيل إلى العلم به، فيستحيل في مستقر العادة أن يحسب العلماء بطرق الظنون و العلوم الظن علما مطبقين عليه، من غير أن يختلج لطائفة شك أو يخامرهم ريب، و تقدير ذلك خرق للعادة.

فإن قيل: إذا تحزب العلماء حزبين، فحلل حزب و حرم حزب، و كل حزب زائدون على عدد التواتر، و هم مصممون على اعتقادهم. قلنا: إذا كانت المسألة مختلفا فيها، فكل حزب معترفون بأن معتقدهم مظنون، و إنما كلامنا في إجماع العلماء على قطع في مظنون، و هذا خرق للعادة لا شك فيه.

فإن قيل: فاجعلوا إجماع العقلاء دليلا على صدقهم بمثل ما ذكرتموه. قلنا قد كلفنا في الشرع أن نسند العقود إلى الأدلة العقلية، و الإجماع و إن قدر مؤديا إلى العلم بمسلك العادات و استقرارها، فهي متعرضة للانخراق في مجوزات العقول، فلزم التزام ما كلفناه من المباحثة على الأدلة العقلية.

ثم هي شتى لا يضبط مأخذها إلا حبر مبرز و تعارضها شبه كثيرة مخيلة لا ينفصل عنها إلا موفق و القاطع السمعي لا تتعدد جهاته، و إنما هو نص ثبت أصله و فحواه قطعا، و لا يتلقى القطع من غيره.

فإذا صادفناهم مجمعين على القطع، مع اتحاد وجه القطع، قطعنا بصدقهم.

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست