responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 165

و جم غفير لا يحصون من غير تواطؤ منهم، و لا مسّتهم حاجة، و دعتهم داعية إلى القيام عامة؛ فيعلم أن هذا الخبر خلف؛ فإنه على خلاف العادة، و هو بمثابة الخبر عن انقلاب الجبال ذهبا إلى غير ذلك.

ثم إنما يثبت التواتر بشرائط. فمنها أن يكون المخبرون عالمين بما أخبروا عنه على الضرورة؛ مثل أن يخبروا عن محسوس أو معلوم بديهة بجهة أخرى، سوى درك الحواس. و لو أخبروا عما علموه، نظرا و استدلالا، لم توجب أخبارهم علما؛ فإن المخبرين عن حدث العالم زائدون عن عدد التواتر، و ليس يوجب خبرهم علما، و المخبرون تواترا عن بلدة لم نرها مصدقون على الضرورة، و ليس ذلك مما نحاول فيه تعليلا، أو نظرا، أو فرقا، أو دليلا، و لكنا بينا أن مأخذ العلم بالمخبر عنه استمرار العادة. و قد رأينا العادة مستمرة على ما ذكرناه في المخبر عنه على الضرورة، دون المخبر عنه نظرا، فجرينا على موجب العادة في النفي و الإثبات.

و الشرط الثاني‌ للخبر المتواتر أن يصدر عن أقوام يزيد عددهم على مبلغ يتوقع منه التواطؤ في العرف المستمر، و لو تواطأ و مثلا لظهر على طول الدهر تواطؤهم. و لسنا نضبط في ذلك عددا هو الأقل، و لكنا نعلم أن كل عدد شرط في شهادة شرعية، فعدد التواتر يربى عليه. و نهاية العدد في الشهادة الشرعية أربعة، فنعلم قطعا أن إخبار الأربعة. لا يعقب العلم الضروري بالمخبر عنه، إذ لو كان يعقبه، لكان يضطر الحاكم عند شهادة الشهود إلى العلم بصدقهم، و ليس الأمر كذلك.

ثم الذي أرتضيه أنه لا يحصل العلم بإخبار خمسة أيضا، فإن الشهود في مجلس القاضي لو استظهروا بشهادة خامس، أو سادس، لم يحصل العلم الضروري بما أخبروا عنه. و لسنا نحدّ حدّا في الأقل؛ إذ الشرع، كما ورد بتحديد الشهود؛ فكذلك ورد بالاستكثار من زيادة الشهود.

و إن رام ذو تحصيل في ذلك ضبطا، فليفرض خبر واحد عن محسوس، ثم خبر اثنين، ثم كذلك، فزائدا صاعدا؛ و هو في ذلك كله يعلم ما بطرقه من الرّيب و غلبات الظنون حتى ينتهي الأمر إلى العلم الضروري. فإذا أدركه، و انتفى عنه كل ريب، ضبط العدة في المخبرين، و قدر أقل عدد التواتر، ثم نفرض ما ذكرناه في صادقين مخبرين عما علموه ضرورة؛ فإن اتفق مثل هذا العدد غير موجب للعلم، فذلك لتخلل كاذبين يحط أقل عدد التواتر، و في ذلك مجال رحب للكلام لا سبيل للخوض فيه هاهنا.

ثم إن كان المخبرون أنبئوا عما شاهدوه و علموه ضرورة من غير واسطة، فالكلام كما ذكرناه، و إن نقلوا ما أنبئوا عنه عن آخرين و نقل أولئك عن متقدمين، و تناسخت الأعصار، و تواترت الأخبار؛ فلا يحصل العلم الضروري بالمقصود من الخبر إلا عند استواء طرفي المخبرين و واسطتهم، و المعنيّ بذلك: أن يكون المخبرون عن المقصود أولا على عدد التواتر، و كذلك المخبرون عنهم، إلى أن يتصل الخبر بنا، فلو انخرم شرط من شرائط التواتر في الأول، أو في الآخر؛ أو في الوسائط، لم يحصل العلم بالمخبر عنه المقصود بالخبر.

و لا يشترط عدالة المخبرين على التواتر، و لا إيمانهم. فإن الأخبار إذا تواترت من الكفار في‌

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست