نام کتاب : استقصاء النظر في القضاء و القدر نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 84
حدسهم في جميع المطالب
على الحقّ و الصواب، فإنّ النّفوس البشريّة تأخذ من النقصان في الترقّي إلى الكمال
على التدريج مرتبة بعد اخرى، فإذا بلغت أقصى مراتب الكمال الممكن لنوع البشر صارت
نفسا قدسيّة، المعبّر[1]
عنها في القرآن العزيز بقوله تعالى: يَكادُ زَيْتُها
يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ[2].
المقدّمة السادسة في
انقسام أثر النّفس إلى الإدراك و التحريك
اعلم أنّ للنّفس الناطقة
قوّتي إدراك و تحريك، أمّا الإدراك فهو تحصيل الصور المعقولة في القوّة العاقلة، و
انتقاش النّفس بها بواسطة انتزاع القوّة العاقلة للامور الكلّيّة من الأشياء
الجزئيّة المحسوسة، أو المتخيّلة، و ذلك يستدعي التفات النّفس إلى جهة التعقّل، و
انصرافها عن الموادّ الجسمانية.
و أمّا التحريك، فلأنّ
النّفس لمّا طلبت الاستكمال في المعقولات بواسطة الإحساس المستند إلى الحواسّ
الجسمانيّة الحاصلة في البدن، وجب أن يكون للنّفس تعلّق تامّ شديد بالبدن، و
اتّصال ما لها به، و الاعتناء بتدبيره، و تحريك الآلات الجزئيّة في الامور
النّافعة للبدن، إمّا لجلب[3] نفع، أو دفع ضرر، و لهذا وجب لكلّ ذي قوّة إدراك أن تكون له قوّة
تحريك، خصوصا و البدن مركّب من الامور المتضادّة المتداعية إلى الانفكاك، فلو لا
الحافظ لها عن الانفكاك لبطل المزاج، فالواجب إثبات هاتين القوّتين للنّفوس
البشريّة، و إذا[4] كان التفات النّفس إلى أحد الجانبين
يشغلها عن الالتفات إلى الآخر لا جرم حصل التفاوت