لنا[1]في المقامين[2]الضرورة[3]فإنه لا يقل من الثبوت إلا الوجود ذهنا[4]أو خارجا من العدم إلا نفي ذلك، و لا يتصور بينهما واسط.
أي في نفي ثبوت المعدوم و شيئيته و نفي الواسطة بين الموجود و
المعدوم الضرورة. فإنها قاضية بذلك، إذ لا يعقل من الثبوت إلا الوجود ذهنا، أو
خارجا من العدم إلا نفي ذلك، و الشيئية تساوق الوجود، فالثابت في الذهن أو الخارج
موجود فيه، و كما لا تعقل الواسطة بين الثابت و المنفي، فكذا بين الموجود و
المعدوم، و المنازع مكابر، و جعل الوجود أخص من الثبوت و العدم من المنفي[5]، و جعل الموجود ذاتا لها
الوجود، و المعدوم ذات لها العدم، لتكون الصفة واسطة اصطلاح[6]لا مشاحة فيه. قال: فاستدل بوجوه.
الأول:أن ثبوت المعدوم ينافي المقدورية، لأن الذات أزلية[7]و الوجود حال لا يتعلق به قدرة[8].
الثاني:أن العدم صفة نفي فينتفي الموصوف به.
[1] (لنا) يقصد الأشاعرة خلافا للقاضي أبي
بكر الباقلاني. و إمام الحرمين.
[2]أي نفي الواسطة بين الموجود و
المعدوم و في نفي شيئية المعدوم.
[3]أي لنا فيما ذكر حكم العقل بإبطال ما
يناقض ذلك ضرورة و المخالف مكابر.
[7]أزلية: من حيث ثبوتها إذ لو لم يكن
ثبوتها أزليا كان طارئا فلا يكون ثبوتها ذاتيا لسبق نفيها على ثبوتها فتكون منفية
أولا كالممتنع فلا يختص المنفي بحقيقة الممتنع و هم يقولون بالاختصاص، و أيضا
الحقائق غير مجعولة في زعمهم فيلزم كونها أزلية.