الأعيان فله تقرر في نفسه من غير عكس، فيكون الموجود أخص من الثابت.
و كل ما لا تقرر له في نفسه لا كون له في الأعيان، و ليس كل ما لا
كون له تقرر له، فيكون المنفي أخص من المعدوم، فيكون بعض المعدوم لا منفيا بل
ثابتا، و منهم من خالف في الأمرين جميعا و هم بعض المعتزلة قالوا:- المعلوم إن كان
له كون في الأعيان، فإن كان له[1]ذلك
بالاستقلال فهو الموجود، و إن كان بتبعية الغير فهو الحال، و إن لم يكن له كون في
الأعيان فهو المعدوم، و المعدوم إن كان متحققا في نفسه فثابت، و إلا فمنفي. فقد
جعلوا بعض المعدوم ثابتا.
و أثبتوا بين الموجود و المعدوم واسطة هو الحال، و ظاهر العبارة يوهم
أن الثابت قسم من المعدوم، و ليس كذلك. بل بينهما عموم من وجه لأنه يشمل الموجود و
الحال بخلاف المعدوم، و المعدوم يشمل المنفي بخلاف الثابت، و ان كان المعدوم
مباينا للمنفي على ما صرح به في تلخيص المحصل[2]من أن القائلين بكون المعدوم شيئا لا يقولون للممتنع معدوم بل منفي.
كان الأول في هذا التقسيم، أن يقال: المعلوم إن لم يتحقق في نفسه فمنفي، و إن تحقق
فإن كان له كون في الأعيان، فإما بالاستقلال فموجود، أو بالتبيعة فحال، و إن لم
يكن له[3]كون في الأعيان فمعدوم، و في التقسيم السابق أنه إن لم يتحقق فمنفي،
و ان تحقق فثابت، و حينئذ إن كان له كون في الأعيان فموجود، و إلا فمعدوم.
[2]تلخيص المحصل. لنصير الدين الطوسي و
هو عبارة عن نقد و توضيح لكتاب محصل أفكار المتقدمين و المتأخرين لفخر الدين
الرازي و قد قام بتحقيقه (الأستاذ طه عبد الرءوف سعد) و نشرته مكتبة الكليات
الأزهرية على هامش المحصل.