قلنا: قد يعقل العارض دور المعروض، و لو سلم فيكفي ماهية بديهية، و
قد يفسر البديهي لفظ الإفادة المراد باللفظ لا تصور الحقيقة، و قد يكون التصديق
ببداهة البديهي كسبيا أو خفيا فيختلف فيه[1]و يفتقر إلى الدليل أو التنبيه).
يريد أن يشير إلى تمسكات المنكرين ببداهة الوجود، مع الجواب عنها و
هي وجوه[2]:
الأول:أن الوجود إما نفس الماهية أو زائد عليها. فإن كان نفس الماهية و
الماهيات ليست ببديهية كان الوجود غير بديهي، و إن كان زائدا عليها كان عارضا لها
لأن ذلك معناه فيكون تابعا للمعروضات في المعقولية إذ لا استقلال للعارض بدون
المعروض و هو غير بديهية- فكذا الوجود العارض بل أولى لا يقال الكلام في الوجود
المطلق، لا في الوجودات الخاصة التي هي العوارض للماهيات، و لو سلم فالوجود المطلق
يكون عارضا لمطلق الماهية. و الكسبيات إنما هي الماهيات المخصوصة، فعلى تقدير كون
الوجود المطلق عارضا لا يلزم كونه تابعا للماهيات المكتسبة، لأنا نقول الوجود
المطلق عارض للوجودات الخاصة على ما سيجيء فيكون تابعا لها، و هي تابعة للماهيات
المكتسبة، فيكون المطلق[3]تابعا
لها بالواسطة و هذا معنى زيادة التبعية، و كذا مطلق الماهية عارض للماهيات
المخصوصة لكونه صادقا عليها غير مقوم لها فيكون تابعا لها فيكون الوجود المطلق
العارض مطلق الماهية عارضا لها بالواسطة.
الثاني:أن الوجود لو كان بديهيا لم يشتغل العقلاء بتعريفه، كما لم يشتغلوا
بإقامة البرهان على القضايا البديهية، لكونهم عرفوه بوجوه كما مر[4].
[4]في (أ) بزيادة لفظ (كما مر) و يقول
صاحب المواقف: إن تعريفه ليس لإفادة تصوره حتى ينافي كونه بديهيا بل تعريفه لتميز
ما هو المراد بلفظ الوجود من بين سائر التصورات.