قولنا الواجب ليس بجوهر[1] و لا عرض[2]
هو ذات اللّه تعالى من حيث عدم الجوهرية و العرضية.
فإن قيل: لو كان الموضوع
ذات اللّه تعالى وحده أو مع ذات الممكنات من حيث الاستناد إليه لما وقع البحث في
المسائل إلا عن أحوالها، و اللازم باطل، لأن كثيرا من مباحث الأمور العامة و
الجواهر و الأعراض بحث عن أحوال الممكنات، لا من حيث استنادها إلى الواجب.
قلنا: يجوز أن يكون ذلك
على سبيل الاستطراد، قصدا إلى تكميل الصناعة، بأن يذكر مع المطلوب ماله نوع تعلق
من اللواحق و الفروع و المقابلات، و ما أشبه ذلك، كمباحث المعدوم و الحال و أقسام
الماهية و الحركات و الأجسام، أو على سبيل الحكاية لكلام المخالف، قصدا إلى تزييفه
كبحث علة اليقين[3] و الآثار العلوية و الجواهر المجردة،
أو على سبيل المبدئية بأن يتوقف عليه بعض المسائل، فيذكر لتحقيق المقصود، بأن لا
يتوقف بيانه على ما ليس يبين[4] كاشتراك الوجود و استحالة التسلسل، و جواز كون الشيء قابلا و
فاعلا، و إمكان الخلاء و تناهي الأبعاد، و أما ما سوى ذلك فيكون من فضول الكلام،
[1] قال ابن سينا:الجوهر هو كل ما وجود ذاته ليس في موضوع؛ أي في محل قريب قد قام بنفسه دونه لابتقويمه (النجاة ص 126) و قال أيضا: و يقال جوهر لكل ذات وجوده ليس في موضوع، وعليه اصطلح الفلاسفة القدماء منذ عهد أرسطو.و الخلاصة: أن الجوهر هوالموجود لا في موضوع و يقابله العرض، بمعنى الموجود في موضوع، فإن كان الجوهر حالافي جوهر آخر كان صورة، إما جسمية و إما نوعية، و إن كان محلا لجوهر آخر كان هيولى،و إن كان مركبا منهما كان جسما.
[2] العرض: ضد الجوهرلأن الجوهر هو ما يقوم بذاته، و لا يفتقر إلى غيره ليقوم به، على حين أن العرض هوالذي يفتقر إلى غيره ليقوم به، فالجسم جوهر يقوم بذاته، أما اللون فهو عرض لأنه لاقيام له إلا بالجسم، و كل ما يعرض في الجوهر من لون و طعم و ذوق و لمس و غيره فهوعرض.و قال ابن سينا: كل ذاتلم يكن في موضوع فهو جوهر، و كل ذات قوامها في موضوع فهي عرض (النجاة ص 324).و قال الخوارزمي: العرضهو ما يتميز به الشيء عن الشيء لا في ذاته كالبياض من السواد، و الحرارة منالبرودة، و غير ذلك (مفاتيح العلوم ص 86).
[3] في (ب) التعيينبدلا من (اليقين).
[4] في (ب) بين و هوتحريف.