نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 135
عليه. فاذن ليس للأزل
البتة آخر، و لا للأبد البتة أول. فاذن لا يتميز الأول عن الأبد البتة: مع كون كل
واحد منهما مناقضا للآخر، و معاند له. هذا خلف.
السؤال الرابع: اذا قلنا: كان اللّه تعالى موجودا فى الأزل، و سيكون موجودا فى
الأبد. فقولنا «كان» يفيد أمرا كان موجودا حاصلا، و قد انقضى و ما بقى. و قولنا
«يكون» يفيد أمرا سيصير موجودا و حاصلا و بعد ما حصل. فاذن كل ما يصدق عليه أنه
كان و سيكون، فهو محكوم عليه بكونه متجددا متغير. و ذات اللّه تعالى لما كان واجب
الدوام ممتنع التغير، وجب أن لا يصدق عليه البتة، أنه كان فى الأزل و سيكون فى
الأبد و أنه كائن الآن. ثم انا لما جربنا عقولنا وجدناها حاكمة بأن كل ما لا يصدق
عليه أنه كان قبل و سيكون بعد، و أنه كائن الآن: فهو معدوم محض.
و عند هذا قال المنكرون:
انكم لما أثبتم ذاتا منزهة عن الجهات و الأكوان[22] و الأوضاع، خرج هذا الاثبات عن العقل، و قرب من العدم المحض. ثم
انكم الآن لما أثبتموه منزها عن أن يصدق عليه قولنا: كان، و يكون، و هو كائن: فهذا
تصريح بالعدم المحض.
و اذا أدخلتموه تحت قولنا:
كان و يكون و هو كائن اقتضى ذلك الحكم عليه بكونه متجددا متغيرا، فكيف الخلاص عن
هذه العقدة المحيرة، و المضائق المضلة المعمية؟