نام کتاب : الأربعين في أصول الدين نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 134
الخامس: ان المدة لا تعقل الا بتعاقب الآنات، و توالى الأزمنة و الساعات.
فلو كان البارى تعالى متقدما على العالم بمدة لا نهاية لها، و لا أول لها، لزم
حصول الأزمنة المتوالية فى الأزل. و ذلك محال. لأن توالى بعض الأزمنة بالبعض،
يقتضي كون كل واحد منها مسبوقا بغيره. و الأزل عبارة عن نفى المسبوقية بالغير. و
الجمع بينهما متناقض.
لا يقال: هذه الاشكالات انما تلزم اذا قلنا: ان اللّه تعالى قبل العالم، و
سابق عليه بمدة موجودة و زمان متحقق. و نحن لا نقول بذلك، بل نقول: انه تعالى سابق
على العالم بمدة مفروضة موهومه، لا تحقق لها خارج الذهن.
لأنا نقول: هذا الكلام ضعيف جدا. لأن تقدم البارى تعالى على العالم، اذا كان
حاصلا لا بحسب فرضنا و اعتبارنا، بل بحسب الحقيقة و الوجود، سواء وجد الفرض، أو لم
يوجد، ثم ثبت أن هذا التقدم و السبق ليس الا بمدة غير متناهية، وجب أن يكون حصول
تلك المدة، لا بحسب الفرض فقط، بل بحسب الوجود و التحقق.
السؤال الثالث: ان الأزل و الأبد متقابلان تقابل السلب و الايجاب، و تقابل
المتناقضين و المتعاندين[21]. و كل أمرين هذا شأنهما، فلا بد و أن يتميز أحدهما عن الآخر.
فعلى هذا آخر الأزل متصل
بأول الأبد، الا أن القول بهذا أيضا محال. لأن كل نقطة فرضناها آخر الأزل و أول
الأبد، فأول الأبد كان حاصلا قبل ذلك. لأنا لو أفرضنا نقطة أخرى قبل تلك النقطة
بمائة سنة، لم يصر الأبد أزلا، بسبب زيادة هذا القادر المتناهى