نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 1 صفحه : 276
فإن قيل: هذه الأمور اللازمة و إن كانت مفتقرة
إلى فاعل مرجح؛ لكنها لا تفتقر إلى صفة قائمة بمحلها- تكون علة لها- كما في افتقار
العالمية في الشاهد إلى صفة العلم- و هو المقصود بلفظ العلة-، و إذا لم يفتقر إلى علة،
لكونها لازمة؛ فكذلك فيما نحن فيه.
قلنا: تفسير عدم افتقارها إلى العلة بالمعنى
المذكور- و إن كان صحيحا- فقولهم:
إنها لا تفتقر إلى العلة لكونها لازمة، ممنوع؛
بل لا مانع من أن تكون معللة- و إن كانت لازمة-، و تكون علتها ملازمة أيضا.
و القول بأنه لا يعلل إلا ما كان جائزا،
فإنما ينفع أن لو كانت هذه الأحكام غير جائزة، و لا يمتنع القول بجوازها من حيث إنه
لا يمكن القول بعدمها إلا و قد لزم المحال عنه؛ لأن المحال قد يلزم عند فرض عدم الشيء
لنفسه؛ فيكون واجبا لذاته.
و قد يكون فرض المحال لازما عن أمر خارج-
و إن كان الشيء في نفسه جائزا- و ذلك كما في فرض عدم المعلول مع وجود علته: كالكسر
مع الانكسار، و نحوه؛ فلما لم يبينوا أن المحال اللازم عند فرض عدم هذه الأحكام، لازم
لنفسها، لا لوجود عللها؛ لا يلزم أن تكون واجبة لنفسها؛ فهذا خلاصة ما ذكره الأصحاب
في هذا الباب.
و اعلم أن هاهنا طريقة رشيقة [1]، سهلة المعرك،
قريبة المدرك، يعسر على المنصف المتبحر، الخروج عنها، و القدح في دلالتها/ يمكن طردها
في إثبات جميع الصفات النفسانية، و هى مما ألهمنى الله تعالى إياه، و لم أجدها على
صورتها، و تحريرها لأحد غيرى [2]، و ذلك أن يقال:
المفهوم من كل واحد من الصفات المذكورة:
إما أن يكون في نفسه و ذاته- مع قطع النظر عما تتصف به- صفة كمال، أو لا صفة كمال.
لا جائز أن تكون لا صفة كمال؛
[1] فى ب (وثيقة). [2] هذه الطريقة من مبتكرات الآمدي. و قد
تأثر به فيها ابن تيمية انظر ابن تيمية السلفى ص 111، 116، و تلاميذه من بعده. انظر
مدارج السالكين لابن القيم 1/ ص 31، و شرح الطحاوية ص 39- 40 لابن أبى العز الحنفى. و الشيخ محمد عبده في شرحه على العقائد العضدية
ص 276 و ما بعدها. و قد نقل ابن تيمية في كتابه (درء تعارض العقل و النقل 4/ 37،
38) من أول قول الآمدي «و اعلم أن هاهنا طريقة رشيقة ... إلى قوله و محال أن يكون الخالق
أنقص من المخلوق» و علق عليه بقوله: «قلت: هذه الحجة مادتها صحيحة، و قد استدل بها
ما شاء الله من السلف و الخلف الخ».
نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 1 صفحه : 276