خفيّ دقة التعبير
بغشيان الغبار ومن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: (حتى يكون الله يريحني منهم) نعرف مبلغ سخطه على من نازعه رداءه ووطئ
عقبه وغشيه بما أثار من غبار الفتنة ، وبعد صريح هذا القول فليقل الّذين
يستغفلون العقول ، لقد مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وهو راضٍ عنهم ؟!
٢ ـ وتعقيباً على ما مرّ كان موقفه
الآخر الّذي سبّب له إزعاجاً بالغاً ، وكان أحد الموارد الّتي نازعوه فيها
رداءه ، وهو موقفه من الصلاة بالناس في مرضه في الوقت الّذي ثقل فيه حاله.
وإليك الحديث برواية ابن سعد في الطبقات الكبرى بسنده عن عبيد بن عمر
الليثي [١]
: « إنّ رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم في مرضه الّذي تُوفي فيه
أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ، فلمّا أفتتح أبو بكر الصلاة وجَدَ رسول الله
صلّى الله عليه (وآله) وسلّم خفّة فخرج فجعل يفرّج الصفوف ، فلمّا سمع أبو
بكر الحسّ علم أنّه لا يتقدم ذلك التقدّم إلّا رسول الله صلّى الله عليه
(وآله) وسلّم ، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فخنس إلى الصف وراءه فردّه
رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم إلى مكانه ، فجلس رسول الله صلّى
الله عليه (وآله) وسلّم إلى جنب أبي بكر وأبو بكر قائم ، فلمّا فرغا من
الصلاة قال
أبو بكر : أي رسول الله أراك أصبحت بحمد الله صالحاً وهذا يوم ابنة خارجة ـ
امرأة لأبي بكر من الأنصار في بلحارث بن الخزرج ـ فأذن له رسول الله صلّى
الله عليه (وآله) وسلّم ، وجلس رسول الله في مصلّاه وإلى جانب الحُجر ،
فحذّر الناس الفتن ثمّ نادى بأعلى صوته ـ حتى أنّ صوته ليخرج من باب المسجد
ـ فقال : (إنّي والله لا يمسك الناس عليّ بشيء ، لا أحلّ إلّا ما أحلّ
الله في كتابه
، ولا
[١] كان قاصّ أهل
مكة. وهذا يكفينا من تعريف ابن حجر له في تقريب التهذيب.