وأستنبطوا لكلٍ وجهاً
في القراءة ، حتى جعلوها من الإنشاء إلى الاخبار ثمّ عادوا إلى الإستفهام
في مقام الإنكار وهو تشريق وتغريب ، وتصعيد بلا تصويب ، وإذ لم يجدوا
مناصاً في إنكارها ، جعلوها فضيلة لعمر بعد أن كانت وصمة عليه. فقالوا
إنّما قال ذلك إنكاراً على من تخلف عن أمتثال أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وهذا التفسير يأباه عليهم حتى عمر.
ومهما يكن فإنّ الصحيح عندي أنّه قال :
« انّ الرجل ليهجر » كما رواها الغزالي [١]
، وإن ورد أيضاً : « انّه يهجر » كما في الصورة الحادية عشرة من صور الحديث ، وقد مرّت نقلاً عن ابن سعد في الطبقات [٢]
، ونقلها البيهقي مسنداً [٣]
، وذكرناها عن المستخرج للإسماعيلي ، نقلاً عن الملا عليّ القارئ في شرح الشفاء [٤]
، وفي طبقات ابن سعد أيضاً ، ومسند أحمد [٥]
، وكتاب السنّة للخلال المتوفى سنة ٣١١ [٦]
، ومعجم الطبراني الكبير [٧]
، وغيرها : « فقالوا : إنّما يهجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
» ، وفي لفظ الطبري : « انّ رسول الله يهجر » [٨]
، وفي تاريخ ابن خلدون : « فتنازعوا وقال بعضهم : انّه يهجر ، وقال بعضهم : أهجر ؟ يستفهم » [٩].
[١] سرّ العالمين / ٩
ط مصر سنة ١٣١٤ ه. ولا يضرنا التشكيك في نسبة الكتاب إلى الغزالي بعد أن نسبه إليه سبط ابن الجوزي الحنبلي في تذكرة الخواص.