قال في فتح الباري كلاماً كثيراً نثره
وكرّر أكثره في أجزاء كتابه ، تبعاً لصحيح البخاري لورود الحديث في مختلف
أبوابه ، لكنه أطال الكلام في موضعين : في كتاب العلم باب كتابة العلم [١]
، وفي كتاب المغازي باب مرض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم[٢] ، ولم يأتنا بشيء
جديد ، ولم نتجن عليه في ذلك فقد اعترف بذلك في الموضع الثاني فقال : وقد
تكلم عياض وغيره على هذا الموضع فأطالوا ، ولخصه القرطبي تلخيصاً حسناً ثمّ
لخصته من كلامه وحاصله : فذكر ما لخصه ، ولما كنا نحن قد ذكرنا كلام عياض
بطوله ، وناقشناه فيه ، لذلك أعرضنا عن ذكر كلام القرطبي إلّا عرضاً ،
وكذلك نعرض عن ابن حجر إلّا ما جاء به من عند نفسه. فقد قال وهو ينقل
الأحتمالات الّتي ذكرها القرطبي في تعريف قائل الكلمة : ويظهر منه ترجيح
ثالث الإحتمالات الّتي ذكرها القرطبي ويكون قائل ذلك بعض من قرب دخوله في
الإسلام ، وكان يعهد أنّ من أشتد عليه الوجع قد يشتغل به عن تحرير ما يريد
أن يقوله لجواز وقوع ذلك. ولهذا وقع في الرواية الثانية فقال بعضهم : أنّه
قد غلبه الوجع. ووقع عند الإسماعيلي من طريق محمّد ابن خلاد عن سفيان في
هذا الحديث فقالوا : ما شأنه يهجر ؟! أستفهموه ، وعن ابن سعد من طريق أخرى
عن سعيد بن جبير : إنّ نبيّ الله ليهجر ، ويؤيده أنّه بعد أن قال ذلك
استفهموه بصيغة الأمر بالاستفهام ، أي اختبروا أمره بأن يستفهموه عن هذا
الّذي أراده وابحثوا معه في كونه الأولى ، أوّلاً.