عثمان ـ قد ناجاني
مراراً بحديثك وناظرني ملايناً ومخاشناً في أمرك ، ولم أجد منه عليك إلّا
مثل ما أجده منك عليه ، ولا رأيت منه لك إلّا مثل ما رأيت منك له ، ولست
تؤتي من قلة علم ، ولكن من قلة قبول ، ومع هذا كله فالرأي الذي أودعك به أن
تمسك عنه لسانك ويدك ، فإنه لا يبدأك ما لم تبدأه ، ولا يجبك عما لم يبلغه
، فإن قلتَ كيف هذا وقد جلس مجلساً أنا صاحبه ، فقد قاربت ، ولكن حديث يوم
مرض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
فات [١] ، ثم حرم الكلام فيه
حين مات ، فعليك الآن بالعزوب عن شيء أرادك له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
فلم يتم ، وتصديت له مرة بعد أخرى فلم يستقم ، ومن ساور الدهر غُلِب ، ومَن
حرص على ممنوع تعب ، وعلى ذلك فقد أوصيت عبد الله بطاعتك ، وبعثته على
متابعتك ، وأوجرته محبتك ، ووجدت عنده من ظني به لك ، لا توتر قوسك إلّا
بعد الثقة بها ، واذا أعجبتك فانظر إلى سيتها [٢] ثم لا تفوّق [٣]
إلاّ بعد العلم ، ولا تغرق في النزع [٤]
إلّا لتصيب الرميّة.
وأنظر لا بطرف يمينك عينك ، ولا تجز
شمالك شينك ، ودّعني بآيات من آخر سورة الكهف وقم إذا بدا لك » [٥].
ثم قال لأبنه عبد الله لمّا حضر أجله :
« يا بني والله ما مت موتاً ولكني فنيت فناء ، واني موصيك بحب الله وحب طاعته ، وخوف الله وخوف معصيته ، فإنك إذا
[١] يشير إلى حديث
الكتف والدواة الآتي تفصيله عند الحديث عن حياة حبر الأمة في عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.