فقال عليّ عليه السّلام: لا أدري ما تقولان، لقد صلّيت ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد، فأنزل الله تعالى:
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ ـ إلى قوله تعالى ـ أجرٌ عَظِيمٌ)[1][2].
فصدّق الله عزوجل عليّاً عليه السّلام في دعواه، وشهد له بالايمان والمهاجرة والجهاد والزكاة، ورفع قدره بما أنزله فيه وأعلاه، وكم له من المزايا التي لم يبلغها أحدٌ سواه.
وأمّا مواقف جهاده، ومواطن جِدّه واجتهاده، فمنها ما كان مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومنها ما تولاّه على انفراده.
أمّا الأوّل: وهو الغزوات التي كانت أيام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فكثيرة، لا تحمل ذكرها هذه الرسالة المختصرة، ولكنّا نذكر منها خمس غزوات هي من مشاهيرها وأعلاها، ومن أعظمها وأقواها.
الأولى: غزاة بدر
وبدرٌ اسم موضع بين مكة والمدينة، وكانت الواقعة عنده، وهذه الغزاة هي الداهية العظمى التي هدّت قوى الشرك، وقذفت طواغيته في قليب الهُلْك، ودوّخت مردة الكفّار، وسقتهم كاسات البوار، وهي أوّل حرب كان به الامتحان، وأراد فريق من المسلمين التأخّر عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لخوفهم منها، وكراهيتهم لها، على ما نطق به القرآن، حيث يقول جلّ اسمه: