وخرج يوماً وعليه ازار، مرقوع، فقيل له في ذلك، فقال: يخشع له القلب، ويقتدي به المؤمن إذا رآه عليّ[2].
واشترى يوماً ثوبين غليظين، فخيّر قنبراً فيهما، فأخذ واحداً ولبس هو الآخر، فرأى في كمّه طولا عن أصابعه، فقطعه[3].
وقال عليه السّلام: لقد رقعت مدرعتي هذه حتّى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها يا أمير المؤمنين؟ فقلت: أعزب عنّي، عند الصباح يحمد القوم السُّرى[4].
فهذا لبسه عليه السّلام، وذاك أكله مع كونه ملك الدنيا والآخرة، وله التصرّف في العالم بأن يخلعه تارة ويلبسه أُخرى، فصلى الله على مجهول القدر.
[عبادته عليه السلام]
وأمّا عبادته، فمن المعلوم البيّن عند كلّ أحد، أنّه عليه السّلام كان أعبد أهل زمانه، ومنه تعلّم الناس صلاة الليل والأدعية المأثورة، وكان إذا توجّه إلى الله تعالى في صلاته توجّه بكلّيّته، وانقطع نظره عن الدنيا وما فيها.
حتّى أنّه لا يبقى يُدرك الألم، لأنّهم كانوا إذا أرادوا إخراج الحديد والنشاب من جسده الشريف تركوه حتّى يُصلّي، فاذا اشتغل بالصلاة وأقبل إلى الله تعالى، أخرجوا الحديد من جسده ولم يحسّ به، فاذا فرغ من صلاته يرى ذلك، فيقول لولده الحسن عليه السّلام: "إن هي إلاّ فعلتك يا حسن"[5].