ونحن لا نريد العودة إلى مثل هذه
المواضيع ، ولكن نريد فقط أن نُظهر للقارئ نفسيات البخاري ومن كان على شاكلته ، فهو
يخرج هذا الحديث في باب مناقب المهاجرين ، وكأنّه يشعر من طرف خفىّ إلى القرّاء
بأنّ هذا رأي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
، بينما هو رأي عبد الله بن عمر الذي ناصب العداء للإمام علي.
وسنُبيِّنُ للقارئ اللّبيب موقف البخاري
في كلّ ما يتعلّق بعلي بن أبي طالب ، وكيف أنّه يحاول جهده كتمان فضائله ، وإظهار
المثالب له.
كما أخرج البخاري في صحيحه من كتاب بدء
الخلق ، باب حدّثنا الحميدي قال : حدّثنا محمّد بن كثير ، أخبرنا سفيانُ ، حدّثنا
جامعُ بن أبي راشد ، حدّثنا أبو يعلى ، عن محمّد بن الحنفيّة ، قال : قلت لأبي : أيّ
النّاس خيرُ بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
قال : أبو بكر ، قلت : ثمّ من؟ قال : ثمّ عمرُ ، وخشيتُ أن يقول عثمانُ ، قلت : ثمّ
أنتَ ، قال : ما أنا إلاَّ رجلٌ من المسلمين.
نعم ، هذا الحديث وضعوه على لسان محمّد
بن الحنفيّة ، وهو ابن الإمام علي بن أبي طالب ، وهو كسابقه الذي رُوي عن لسان ابن
عمر ، والنتيجة في الأخير هي واحدة ، ولو خشيَ ابن الحنفيّة أنْ يقول أبوه : عثمان
في الثالثة ، ولكن ردُّ أبيه « ما أنا إلاّ رجلٌ من المسلمين » يُفيد بأنّ عثمان
أفضل منه; لأنّه ليس هناك من أهل السنّة من يقول بأنّ عثمان ليس هو إلاّ رجلٌ من
وقد وقع تصحيف في
اسم الراوي حيث إنّه سعيد بن شعيب الحضرمي ، وليس سعد ، وقد صرّحوا بوثاقة سعيد بن
شعيب ، راجع الغدير ٣ : ١٧٨.