عليه : « بسم الله
الرحمن الرحيم ، هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة ، آخر عهده في الدنيا نازحاً
عنها ، وأوّل عهده بالآخرة داخلا فيها ، إنّي استخلفْتُ عليكم عمر بن الخطاب ، فإن
تروه عدلا فيكم فذلك ظنّي به ورجائي فيه ، وإن بدّل وغيّر فالخير أردت ، ولا أعلم
الغيب ، وسيعلم الذين ظلموا أىّ منقلب ينقلبون ».
ثمّ ختم الكتاب ودفعه ، فدخل عليه
المهاجرون والأنصار حين بلغهم أنّه استخلف عمر ، فقالوا : نراك استخلفتَ علينَا
عمر ، وقد عرفتَهُ ، وعلمت بوائقه فينا وأنت بين أظهرنا ، فكيف إذا وليتَ عنّا ،
وأنت لاق الله عزّ وجلّ فسائلك ، فما أنت قائل؟ فقال أبو بكر : لئن سألني الله
لأقولن : استخلفت عليهم خيرهم في نفسي »[١].
ويذكر بعض المؤرّخين : أنّ أبا بكر لمّا
استدعى عثمان ليكتب عهده ، أُغْمِيَ عليه أثناء الإملاء ، فكتب عثمان اسم عمر بن
الخطّاب ، فلمّا أفاق قال : اقرأ ما كتبتَ ، فقرأ وذكر اسم عمر ، فقال : أنّى لك
هذا؟ قال : ما كنتَ لتعدُوه ، فقال : أصبتَ.
فلمّا فرغ من الكتاب دخل عليه قوم من
الصحابة منهم طلحة ، فقال له : ما أنت قائل لربّك غداً وقد وليّت علينا فظّاً
غليظاً ، تفرق منه النّفوس وتنفضّ عنه القلوب؟
فقال أبو بكر : أسندوني وكان مستلقياً ،
فأسندوه فقال لطلحة : أبالله
[١] تاريخ الخلفاء
لابن قتيبة المعروف بالإمامة والسياسة ١ : ٣٧.