وهذه هي حجّتُهم ، فما كلّمتُ أحداً من
علماء أهل السنّة إلاّ وكانت الشورى هي شعارُهم وديدنهم.
وبقطع النّظر على أنّ خلافة أبي بكر
كانت فلتةً وقى الله المسلمين شرّها[١]
، فلم تكن عن مشورة كما يدّعي البعض ، بل كانت بالغفلة وبالقوة والقهر والتهديد
والضرب[٢] ، وتخلّف
عنها وعارضها الكثير من خيرة الصّحابة ، وعلى رأسهم علي بن أبي طالب ، وسعد بن
عبادة ، وعمّار ، وسلّمان ، والمقداد ، والزبير ، والعبّاس ، وغير هؤلاء كثيرون ، كما
يعترف بذلك جلّ المؤرّخين لهذا الحدث.
ولنغضّ الطّرف عنها ونأتي إلى استخلاف
أبي بكر لعمر بعده ، ونسأل أهل السنّة الذين يتشدّقون بمبدأ الشورى : لماذا عيّنَ
أبو بكر خليفته ، وفرضه على المسلمين بدون أن يترك الأمر شورى بينهم كما تدّعون؟
ولمزيد من التّوضيح وكالعادة لا نستدل
إلاّ بكتب أهل السنّة ، أُقدّم إلى القارئ كيفية استخلاف أبي بكر لصاحبه.
ينقل ابن قتيبة في كتابه تاريخ الخلفاء
، في باب مرض أبي بكر واستخلافه عمر رضي الله عنهما ، قال :
« ... ثمّ دعا عثمان بن عفّان فقال :
أكتب عهدي ، فكتب عثمان وأملى
[١] البخاري ٨ : ٢٦
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردّة ، باب رجم الحبلى من الزنا.
[٢] الإمامة
والسياسة لابن قتيبة ١ : ٢٦ ، بيعة أبي بكر وكيفية أخذ البيعة من عليّ عليهالسلام.