وقال ـ أيضاً ـ : « لا يجتمع في قلب
مؤمن حبّ الله وحبّ عدوّه ».
والأحاديث في هذا المجال كثيرة جدّاً ، ويكفي
العقل وحده دليلا بأنّ الله سبحانه حبّبَ للمؤمنين الإيمان وزيّنه في قلوبهم ، وكرّه
إليهم الكفر والفسوق والعصيان ، فقد يكره الإنسان ابنَهُ أو أباه أو أخاه لمعاندة
الحقّ والتمادي في طريق الشيطان ، وقد يحبّ ويوالي أجنبي لا تربطه به إلاّ إخوّة
الإسلام.
ولكلّ هذا يجبُ أن يكون حُبّنا وودّنا
وموالاتنا لمن أمر الله بمودّتهم ، كما يجبُ أن يكون بغضنا وكرهنا وبراءتنا لمن
أمر الله سبحانه بالبراءة منهم.
ومن أجل ذلك كانت موالاتنا لعلي
والأئمّة من بنيه من غير أن تكون لنا علاقة مسبقة بمودّتهم ، وذلك لأنّ القرآن
والسنّة والتّاريخ والعقل لم يتركوا لنا فيهم أي ريب.
ومن أجل ذلك كانت ـ أيضاً ـ براءتنا من
الصّحابة الذين اغتصبوا حقّه في الخلافة ، من غير أن تكون لنا علاقة مسبقة ببغضهم;
وذلك لأنّ القرآن والسنّة والتاريخ والعقل تركوا لنا فيهم ريباً كبيراً.
وبما أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمرنا بقوله
: « دعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك » فلا ينبغي لمسلم أنْ يتّبع أيّ أمر مريب ، ويترك
الكتاب الذي لا ريب فيه.
كما يجبُ على كلّ مسلم أن يتحرّر من
قيوده وتقاليده ، ويحكّم عقله بدون أفكار مسبقة ولا أحقاد دفينة; لأنّ النّفس
والشيطان عدوّان خطيران يُزيّنان للإنسان سوء عمله فيراه حسناً ، ولنعم ما قاله
الإمام البوصيري في البردة :