فهذه الآيات نزلتْ بعد معركة أُحد ،
والتي انهزم فيها المسلمون بسبب رغبتهم في متاع الدنيا عندما رأوْا النّساء رافعات
ثيابهن ، قد بدت أسواقهنّ وخلاخلهنّ على ما حكاه البخاري ، فعصوا الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما حكاه
القرآن; فهل اعتبر الصّحابة بتلك الحادثة وتابوا إلى الله واستغفروه ولم يعودوا
لمثلها بعد ذلك؟
كلاّ فإنّهم لم يتوبوا وعادوا إلى أكبر
منها في غزوة حُنين ، والتي وقعتْ في آخر حياة النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان عددهم
في تلك المعركة اثنى عشر ألفاً على ما ذكره المؤرّخون!!
ورغم كثرتهم فقد لاذوا بالفرار ، وولّوا
مدبرين كالعادة; تاركين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وسط أعداء الله من المشركين ، ومعه تسعة أو عشرة أنفار من بني هاشم على رأسهم
الإمام علي بن أبي طالب ، كما نصّ عليه اليعقوبي في تاريخه وغيره[٢].
وإذا كان فرارهم يوم أُحد شنيع ، فهو في
حنين أشنعُ وأقبحُ; لأنّ الصّابرين الذين ثبتوا معه يوم أُحد كانوا أربعة من ألف
صحابي ، وهي نسبة واحد من كلّ مائتين وخمسين ، أمّا في يوم حُنين فكان الصّابرون
الثّابتون
[٢] ذكر اليعقوبي في
تاريخه ٢ : ٣١ أنّه لم يبق مع النبي صلىاللهعليهوآله
إلاّ ثلاثة نفر : عليّ والزبير وطلحة. وفي تاريخ الإسلام للذهبي ١ : ١٧٣ : « لم
يبق مع رسول الله إلاّ اثنا عشر رجلا ».