ومن هذه المواقف نفهم قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا أرى
يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم » ( سيأتي البحث في هذا الحديث ).
وإذا كان اللّهُ سبحانه وتعالى قد
توعّدهم بالنّار إذا فرّوا من الحرب فقال : ( يَا أيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ
الأدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذ دُبُرَهُ إلا مُتَحَرِّفاً لِقِتَال
أوْ مُتَحَيِّزاً إلَى فِئَة فَقَدْ بَاءَ بِغَضَب مِنَ اللّهِ وَمَأوَاهُ
جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ )[١].
فما هي قيمة هؤلاء الصّحابة الذين
يفرّون من الصّلاة من أجل اللّهو والتجارة ، ويفرّون من الجهاد خوفاً من الموت ،
تاركين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وحده بين الأعداء ، وفي كلتا الحالتين ينفضّوا ويُولّوا الأدبار بأجمعهم ولا يبق
معه صلىاللهعليهوآلهوسلم
غير اثني عشر رجلا على أكثر التقديرات ، فأين الصّحابة يا أُولي الألباب؟!
ولعلّ بعض الباحثين عندما يقرؤون مثل
هذه الأحداث والروايات يستصغرون شأنها ، ويظنّون بأنّها حادثة عرضية عفا الله عنها
، ولم يعُد الصحابة إلى مثلها بعد ذلك.
كلا ، فإنّ القرآن الكريم يوقفنّا على
حقائق مذهلة ، فقد سجَّلَ الله سبحانه فرارَهم يوم غزوة أُحد بقوله :