كما لم تقبل أُمّ المؤمنين عائشة نصائح
كثير من الصحابة المخلصين ، روى الطبري في تاريخه أن جارية بن قدامة السعدي قال
لها : يا أُمّ المؤمنين والله لقتل عثمان بن عفّان أهون من خروجك من بيتك على هذا
الجمل الملعون عرضة للسّلاح ، إنّه قد كان لك من الله سترٌ وحرمة ، فهتكت سِتْرَكِ
وأبحتِ حرمتك ، إنّه من يرى قتالك فإنّه يرى قتلك ، إن كنت أتيتنا طائعة فارجعي
إلى منزلكِ ، وإن أتيتنا مستكرهة فاستعيني بالنّاس[١].
أُمّ
المؤمنين هي القائدة
ذكر المؤرّخون بأنّها كانت هي القائدة
العامة ، وهي التي تولّي وتعزل وتصدر الأوامر ، حتى إنّ طلحة والزبير اختلفا في
إمامة الصلاة ، وأراد كلّ منهما أن يصلّي بالنّاس ، فتدخّلت عائشة وعزلتهما معاً ،
وأمّرت عبد الله بن الزبير ابن أُختها أن يصلّي هو بالنّاس.
وهي التي كانتْ ترسل الرّسل بكتبها التي
بعثتها في كثير من البلدان تستنصرهم على علي بن أبي طالب ، وتثير فيهم حميّة
الجاهلية. حتّى عبّأتْ عشرين ألفاً أو أكثر من أوباش العرب وأهل الأطماع لقتال
أمير المؤمنين والإطاحة به ، وأثارتها فتنة عمياء قُتل فيها خلق كثير باسم الدّفاع
عن أُمّ المؤمنين ونصرتها.
ويقول المؤرّخون : إنّ أصحاب عائشة لمّا
غدروا بعثمان بن حنيف والي البصرة ، وأسروه هو وسبعين من أصحابه الذين كانوا
يحرسون بيت المال ،
[١] تاريخ الطبري ٣
: ٤٨٢ ، البداية والنهاية لابن كثير ٧ : ٢٥٩ ، الإمامة والسياسة ١ : ٨٨.