فقالت أُمّ سلمة : أتذكرين يوم جاء أبوك
ومعه عمر ، وقمنا إلى الحجاب ، ودخلا يحدّثانه فيما أرادا إلى أن قالا : يا رسول
الله ، إنّا لا ندري أمَدُ ما تَصحبنا ، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا
بعدك مفزعاً؟ فقال لهما : « أما أنّي قد أرى مكانه ، ولو فعلتُ لتفرّقتم عنه كما
تفرّق بنو إسرائيل عن هارون » ، فسكتا ثمّ خرجَا ، فلمّا خرجا خرجنا إلى رسول الله
، فقلتِ له أنت وكنتِ أجرأ عليه منّا : يا رسول الله مَنْ كنت مستخلفاً عليهم؟
فقال : « خاصف النّعل » ، فنزلنا فرأيناه عليّاً. فقلتِ : يا رسول الله ، ما أرى
إلاّ عليّاً. فقال : « هو ذاك »؟
قالت عائشة : نعم أذكر ذلك.
فقالت لها أُمّ سلمة : فأيّ خروج تخرجين
بعد هذا يا عائشة؟
فنهتها أُمّ سلمة عن الخروج بكلام شديد
وقالت لها : إنّ عمود الإسلام لا يثأب بالنساء إن مال ، ولا يَرْأبُ بهن إن صُدِعَ
، حماديات النساء غضّ الأطراف ، وخفر الأعراض ، ما كنتِ قائلة لو أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عارضك في
بعض هذه الفلوات ، ناصّة قلوصاً من منهل إلى آخر؟ والله لو سرتُ سيرك هذا ثمّ قيل
لي : أدخلي الفردوس ، لاستحييت أن ألقى محمّداً هاتكةً حجاباً ضربه علىَّ[٢].
[١] شرح نهج البلاغة
لابن أبي الحديد ٦ : ٢١٧ ونحوه المعيار والموازنة : ٢٨.
[٢] غريب الحديث
لابن قتيبة ٢ : ١٨٢ ، الفائق للزمخشري ٢ : ١٣٢ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
٦ : ٢٢٠.