والحسنان : أعلم به من أبي بكر ، فكانت لا تعرضهم للشهادة ولا يتعرّضون لها ، لعلمهم بأنّها لا تقبل ، لأن ذلك فسق وسوء تدبير وسفه مأمون منهم بإجماع ، وغير مأمون من الرجل ، وكان به أحق.
وبهذا تسقط شبهة من قدح في شهادة الحسنين 8 بالصّبا ، لأنّ ذلك لو كان مانعا من قبول شهادتهما لكان علي 7 به أعلم من أبي بكر ، وكان لا يعرضهما للشهادة ، ولكان ردّ شهادتهما لذلك أولى من ردّها بالنبوة ، ولمّا لم يقل ذلك أبو بكر دلّ على أنّهما معتدّ بشهادتهما.
ومنها : قبوله دعوى جابر في الحثيات [١] وعائشة وحفصة من ثياب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإقرارهما في ثبوته بغير بيّنة ، مع تميّز المردود دعواه وشهادته في الفضل ، وتبريزه عليهم في العدالة والزهد ، واختصاصهم من النبي 9 بمنزلة لم يشاركهم فيها أحد ، وذلك يوضح عن قصده أهل هذا البيت بالظلم ، وإرادة الوضع منهم ، والتصغير من قدرهم ... [٢] بأدنى تأمّل.
ومنها : حين طالبت بفدك من جهة الإرث ـ إذ دفعها عنها بالنحلة ـ كذبه على رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة ، ليتمّ له منع فاطمة 3 لفدك من جهة الإرث كالنحلة ، والدلالة على كذبه من وجوه :
منها : تصريح القرآن بخلافه في قوله تعالى : ( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ )[٣] وقوله تعالى : ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ )[٤] ، وإطلاق الإرث مختصّ بانتقال الأعيان إلى الوارث فيما يصحّ نقله ، ورفع الحظر ، وصحّة تصرفه فيما لا يصح نقله من الحرث والرباع ، فيجب حمله عليه دون ما يدّعى من علم وغيره ، ولأن العلم والنبوّة لا يورثان ، لوقوف
[١] في النسخة : « قبوله دعوى جايز في الجنينات ». [٢] كلمات غير مقرؤة. [٣] النمل ٢٧ : ١٦. [٤] مريم ١٩ : ٦.