نام کتاب : نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز نویسنده : رفاعة رافع الطهطاوي جلد : 0 صفحه : 8
ذاكرتهم مما يصدق عليه قول الشاعر:
و قد ينبت المرعى على دمن الثرى * * * و تبقى حزازات النفوس كما هيا
أى أن الظاهر قد يوحى بالسلام و الحبّ بينما ينطوى الباطن على نيّة الخصام و الحرب.
و نحن لا ننكر حقيقة أنه (لكلّ وجهة هو مولّيها) و أن لكل إنسان أن يتحمّس لعقيدته بما تتفق فيه مع غيرها و ما تختلف فيه أيضا، لكن المهم أن يتمسّك فى حديثه عن عقائد الآخرين ب (أدب الاختلاف)، و هو مما تفتخر به الثقافة العربية عامة و الإسلامية خاصة، نعم لدينا كتب تحمل عناوين: أدب السماع، أدب المعاشرة، أدب الطلب، أدب الإخوان، أدب الجليس، أدب النديم، أدب الموائد، أدب القاضى، أدب الكاتب، أدب السلطان، أدب الحروب و فتح الحصون، أدب الناطق، أدب الجدل، و في هذه العناوين تعنى كلمة (الأدب): المعرفة، الثقافة، الخبرة اللازمة لإحسان التصرّف بالقول أو العمل، أو حتّى الصمت، فى هذا المجال أو ذاك ... و لا شك أن أدب الجدل يعنى حسن الاستماع إلى الآخر و احترام وجهة نظره و إحسان الرّد عليه مع عدم الإساءة له حتى في موقف الخلاف معه، انطلاقا من المبدأ الاسمي الّذي أرساه القرآن الكريم، و الّذي يقوم على شقين:
و الآخر: قوله تعالى: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [الأنعام 164].
و انطلاقا من هذا المبدأ جاء الرصيد التطبيقى الرائع الّذي حكاه القرآن عن بعض مواقف الأنبياء في تقرير حريّة الاختيار و مسئولية كلّ عما وقع عليه اختياره دون إجبار أو ازدراء. ففى سورة البقرة- بعد أن ذكر وصية إبراهيم
نام کتاب : نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز نویسنده : رفاعة رافع الطهطاوي جلد : 0 صفحه : 8