الفصل الرّابع: في أنّ تعظيمه و إظهار شرفه و اعتقاد أفضليّته (صلى الله عليه و سلم) من أصول الدّين
اعلم علمني اللّه و إياك أن الكلام في هذا الباب ينم عن صدق الإيمان، و حسن الإسلام و صحة الاعتقاد.
فالنبي محمد (صلى الله عليه و سلم) قد شرفه اللّه و خصه و ميزه عن سائر الخلق بمزايا تولى سبحانه بنفسه إظهارها في كتابه العزيز، فنوه بها و نبه على أهمية اعتبارها من المؤمنين، فمن أثبت له من المزايا و الخصائص ما أثبته اللّه له و اعتقد اتصافه بتلك الأخلاق السامية التي ذكرها في كتابه و أشار إلى اتصافه بها في نحو قوله: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ كان بذلك مثبتا للّه تعالى ما أثبته لنبيه (صلى الله عليه و سلم) و ذلك من واجبات الإسلام و صريح الإيمان.
و كذلك من أثبت له (صلى الله عليه و سلم) ما صح من الأخبار و الأحاديث في فضله و شرفه و معجزاته؛ إذ هي بمنزلة الكتاب، لقوله تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى و لقوله (صلى الله عليه و سلم) فيما صح عنه: ألا إني أوتيت الكتاب و مثله معه ...
الحديث، و بها يستعان على إثبات رسالته و الاستدلال على نبوته [1].
يقول الحافظ البيهقي في مقدمة الدلائل [1/ 68- 69]: أما بعد، فإني لما فرغت بعون اللّه و حسن توفيقه من تخريج الأخبار الواردة في الأسماء و الصفات، و الرؤيا و الإيمان، و القدر و عذاب القبر، و أشراط الساعة،-