و مما تقدم نخلص إلى أن سعادة العبد في الدارين متوقفة على أمرين متعلقين بذاته الشريفة (صلى الله عليه و سلم):
الأول: هديه (صلى الله عليه و سلم)، و هو الذي به يتوصل إلى سبيل اللّه و رضوانه.
الثاني: محبته (صلى الله عليه و سلم) التي لا تكتسب إلا بدراسة سيرته؛ إذ القلب لا يشغف بحب أحد إلا بعد التعرف عليه عن قرب و مخالطته بالتعايش معه، و هو ما حدا بكثير من المصنفين إلى التأليف فيها، منهم: صاحبنا مؤلف هذا الكتاب كما سيأتي عنه في سبب تأليفه، و وجهاتهم في ذلك مختلفة- أي بين المفرد و الجامع لها- و مقصدهم واحد، و هو حبه (صلى الله عليه و سلم).
قال أبو سعد صاحب الكتاب (رحمه اللّه)، مبينا سبب تأليفه و جمعه:
حدا بي إلى أن أجمع شرف النبي (صلى الله عليه و سلم) حبّه و الأنس بذكره؛ لأن من أحب شيئا أكثر ذكره، و لكي يكثر الصلاة عليه رسما و نطقا ...