و في «الصّحيحين»، أنّه (صلى اللّه عليه و سلم) نادى قبل القسمة: «من أقام بيّنة على قتيل قتله فله سلبه»، قال أبو قتادة: فقمت ألتمس بيّنة على قتيلي، فلم أر أحدا يشهد لي فجلست، ثمّ بدا لي، فذكرت أمره لرسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، فقال رجل: سلاح هذا القتيل الّذي يذكر عندي، فأرضه منه، فقال أبو بكر- و عند أحمد: فقال عمر- و جمع بينهما بأنّ كلّا منهما قال: كلّا و اللّه، لا نعطيه أضيبعا [2] من قريش- تصغير ضبع/ بمعجمة- و ندع أسدا من أسود اللّه يقاتل عن اللّه و رسوله، فقام رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) فأدّاه إليّ [3].
و لمّا قسم هذه المقاسم، و أعطى هذه العطايا، شرهت أنفس الأعراب و جفاة العرب، مع ضعف إيمانهم حينئذ إلى المال، فألحّوا عليه (صلى اللّه عليه و سلم) في السّؤال، حتّى اضطرّوه إلى سمرة فخطفت رداءه، فقال:
«أعطوني ردائي، فلو كان لي عدد هذه العضاه [4] نعما لقسمته بينكم، ثمّ لا تجدوني بخيلا و لا كذّابا و لا جبانا». رواه البخاريّ [5].
[أمر ذي الخويصرة التّميميّ]
و روى أيضا- [أي: البخاريّ]- أنّ أعرابيا قال: اعدل، فقال: «ويحك! إن لم أعدل فمن يعدل و أنا حرّ؟!»، قال: هذه قسمة ما أريد بها وجه اللّه، فقال (صلى اللّه عليه و سلم): «رحم اللّه أخي موسى، قد
[1] أخرجه مسلم، برقم (2312/ 58). عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه.
[2] يروى بالضّاد المعجمة و العين المهملة؛ تصغير ضبع على غير قياس تحقيرا له. و قد ذكره البخاريّ بلفظ: «أصيبغ»، و هو نوع من الطيور ضعيف؛ يصفه بالعجز و الضّعف و الهوان.