لكالمدلج الحيران أظلم ليله* * * فهذا أواني حين أهدى و أهتدي [1]
هداني هاد غير نفسي و دلّني* * * على الحقّ من طرّدت كلّ مطرّد
أصد و أنأى جاهدا عن محمّد* * * و أدعى و إن لم أنتسب من محمّد
[نزول النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) مرّ الظّهران، و تحسّس قريش عليه]
ثمّ مضى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) حتّى نزل (مرّ الظّهران) في عشرة آلاف، فأدركت العبّاس الرّقّة لقريش، فركب بغلة النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) في اللّيل بإذنه، رجاء أن يصادف أحدا يبعثه إلى قريش، فيطلبوا الأمان من النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم). فلقي أبا سفيان بن حرب في نفر من قريش، و قد كانوا خرجوا يتحسّسون الأخبار، فرأوا نيران الجيش و استنكروها، حتّى قال أبو سفيان: و اللّه لكأنّها نيران أهل (عرفة)، و لا شعور لهم بمخرج النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) إليهم. فأخبرهم العبّاس الخبر، فقال له أبو سفيان: فما الحيلة؟ قال: الحيلة أن تردّ من معك ليخبروا أهل (مكّة)، و تركب أنت معي حتّى آتي بك رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) فأستأمنه لك.
[إسلام أبي سفيان على يد العبّاس رضي اللّه عنهما]
فركب معه و رجع أصحابه، فلمّا انتهى به إلى النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) قال للعبّاس: «اذهب به إلى رحلك، فإذا أصبحت فأتني به»، فلمّا أصبح جاء به، فقال له النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم): «أ لم يأن لك يا أبا سفيان/ أن تسلم؟»، قال: بلى، بأبي أنت و أمّي، ما أحلمك و أرحمك، و أسلم.
فقال له العبّاس: يا رسول اللّه، إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر و الخيلاء، فاجعل له شيئا، فقال: «نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، و من دخل المسجد فهو آمن، و من أغلق عليه بابه فهو آمن» [2].
[عرض جيوش الرّسول (صلى اللّه عليه و سلم) على أبي سفيان]
و في «صحيح البخاريّ»، أنّه (صلى اللّه عليه و سلم) قال للعبّاس: «احبس