نام کتاب : حدائق الأنوار و مطالع الأسرار في سيرة النبي المختار نویسنده : الحضرمي، محمد بن بحر جلد : 1 صفحه : 178
بدأ غريبا، و سيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء» [1].
نعوذ باللّه من الفتن و المحن، ما ظهر منها و ما بطن.
[الجهر بالدّعوة]
و في السّنة الرّابعة من مبعثه (صلى اللّه عليه و سلم): نزل قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [سورة الحجر 15/ 94- 95].
فامتثل (صلى اللّه عليه و سلم) أمر ربّه، و أظهر الدّعوة إلى اللّه تعالى، فدخل النّاس في الإسلام أرسالا، حتّى فشا ذكر الإسلام ب (مكّة)، و لكن كان المسلمون إذا أرادوا الصّلاة ذهبوا إلى الشّعاب، و استخفوا من قومهم بصلاتهم.
[موقف المشركين من النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) إثر جهره بالدّعوة]
و لمّا أظهر (صلى اللّه عليه و سلم) دعوة الخلق إلى الحقّ لم يتفاحش إنكار قومه عليه، حتّى ذكر آلهتهم و سبّها، و ضلّل آباءهم، و سفّه أحلامهم، فحينئذ اشتدّ ذلك عليهم، و أجمعوا له الشّرّ، فحدب [2] عليه عمّه أبو طالب، و عرّض نفسه للشّرّ دونه، مع/ بقائه على دينه.
فلمّا رأت ذلك قريش، اجتمع أشرافهم و مشوا إلى أبي طالب، و قالوا له: إنّ ابن أخيك قد سبّ آلهتنا، و عاب ديننا، و سفّه أحلامنا، و ضلّل آباءنا، فإمّا أن تكفّه عنّا، و إمّا أن تخلّي بيننا و بينه، فإنّك على مثل ما نحن عليه من خلافه.
[أبو طالب بين نصرته للرّسول (صلى اللّه عليه و سلم) و تخلّيه عنه]
فعظم على أبي طالب فراق قومه، و لم تطب نفسه بخذلان ابن أخيه، فكلّم النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم)، فظنّ النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) أنّ عمّه قد بدا له تركه، و العجز عن نصرته، فقال: «يا عمّ! و اللّه لو وضعوا الشّمس في
[1] أخرجه مسلم، برقم (145/ 232). عن أبي هريرة رضي اللّه عنه.