responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني    جلد : 1  صفحه : 69

قلبه بمحبته، و اللّه تعالى قد اتخذ إبراهيم خليلا، و الخلة منصب يقتضى توحيد المحبوب بالمحبة، و أن لا يشارك فيها، فلما أخذ الولد شعبة من قلب الوالد جاءت غيرة الخلة تنزعها من قلب الخليل، فأمر بذبح المحبوب، فلما قدم على ذبحه، كانت محبة اللّه أعظم عنده من محبة الولد خلصت الخلة حينئذ من شوائب المشاركة، فلم يبق فى الذبح مصلحة، إذ كانت المصلحة إنما هى فى العزم و توطين النفس، و قد حصل المقصود فنسخ الأمر و فدى الذبيح، و صدق الخليل الرؤيا». انتهى.

و قد أنشد بعضهم فقال:

إن الذبيح- هديت- إسماعيل‌ * * * نطق الكتاب بذاك و التنزيل‌

شرف به خص الإله نبينا * * * و أبانه التفسير و التأويل‌

و روى مما ذكره المعافى بن زكريا، أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا أسلم من علماء اليهود: أى ابنى إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: و اللّه يا أمير المؤمنين، إن اليهود ليعلمون أنه إسماعيل، و لكنهم يحسدونكم معشر العرب أن يكون أباكم، للفضل الذي ذكره اللّه عنه، فهم يجحدون ذلك و يزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم. انتهى.

فانظر أيها الخليل ما فى هذه القصة من السر الجليل، و هو أن اللّه تعالى يرى عباده الجبر بعد الكسر، و اللطف بعد الشدة، فإنه كان عاقبة صبر هاجر و ابنها على البعد و الوحدة و الغربة و التسليم لذبح الولد، آلت إلى ما آلت إليه من جعل آثارهما و مواطئ أقدامهما مناسك لعباده المؤمنين، و متعبدات لهم إلى يوم الدين، و هذه سنة اللّه تعالى فيمن يريد رفعته من خلقه بعد استضعافه و ذله و انكساره و صبره، و تلقيه القضاء بالرضا فضلا منه، قال اللّه تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ‌ [1] ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‌ [2].


[1] سورة القصص: 5، 6.

[2] سورة الجمعة: 4.

نام کتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : أحمد بن محمد القسطلاني    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست