النضر بن الحارث، و قال لهم ليستفز غضبهم و يثير حميتهم: يا بني عبد الدار، قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم، و إنما يؤتى الناس من قبل راياتهم، إذا زالت زالوا، فإما أن تكفونا لواءنا، و إما أن تخلوا بيننا و بينه فنكفيكموه.
و نجح أبو سفيان في هدفه، فقد غضب بنو عبد الدار لقول أبي سفيان أشد الغضب، و هموا به و تواعدوه، و قالوا له: نحن نسلم إليك لواءنا؟ ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع.
و قد ثبتوا عند احتدام المعركة حتى أبيدوا عن بكرة أبيهم.
مناورات سياسية من قبل قريش:
و قبيل نشوب المعركة حاولت قريش إيقاع الفرقة و النزاع داخل صفوف المسلمين.
فقد أرسل أبو سفيان إلى الأنصار يقول لهم: خلوا بيننا و بين ابن عمنا فننصرف عنكم، فلا حاجة لنا إلى قتالكم و لكن أين هذه المحاولة أمام الإيمان الذي لا تقوم له الجبال، فقد رد عليه الأنصار ردا عنيفا، و أسمعوه ما يكره.
و اقتربت ساعة الصفر، و تدانت الفئتان، فقامت قريش بمحاولة أخرى لنفس الغرض، فقد خرج إليهم عميل خائن يسمى أبا عامر الفاسق- و اسمه عبد عمرو بن صيفي، و كان يسمى الراهب، فسماه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) الفاسق، و كان رأس الأوس في الجاهلية. فلما جاء الإسلام شرق به، و جاهر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بالعداوة، فخرج من المدينة، و ذهب إلى قريش يؤلبهم على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و يحضهم على قتاله، و وعدهم بأن قومه إذا رأوه أطاعوه، و مالوا معه- فكان أول من خرج إلى المسلمين في الأحابيش و عبدان أهل مكة، فنادى قومه و تعرف عليهم، و قال: يا معشر الأوس، أنا أبو عامر. فقالوا: لا أنعم اللّه بك عينا يا فاسق. فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر، و لما بدأ القتال قاتلهم قتالا شديدا و راضخهم بالحجارة.
و هكذا فشلت قريش في محاولتها الثانية للتفريق بين صفوف أهل الإيمان و يدل عملهم هذا على ما كان يسيطر عليهم من خوف المسلمين و هيبتهم، مع كثرتهم و تفوقهم في العدد و العدة.
جهود نسوة قريش في التحميس:
و قامت نسوة قريش بنصيبهن من المشاركة في المعركة، تقودهن هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان، فكن يتجولن في الصفوف، و يضربن بالدفوف، يستنهضن الرجال، و يحرضن