قال ابن إسحاق: فلما كانت عتمة الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى نام، فيثبون عليه [2].
و كانوا على ثقة و يقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية، حتى وقف أبو جهل وقفة الزهو و الخيلاء، و قال مخاطبا لأصحابه المطوفين في سخرية و استهزاء: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب و العجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، و إن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم نارا تحرقون فيها [3].
و قد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل، فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر، و لكن اللّه غالب على أمره، بيده ملكوت السماوات و الأرض، يفعل ما يشاء، و هو يجير و لا يجار عليه، فقد فعل ما خاطب به الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم) فيما بعد: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ، وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ، وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [الأنفال:
30].
الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم) يغادر بيته
و مع غاية استعداد قريش لتنفيذ خطتهم فقد فشلوا فشلا فاحشا. ففي هذه الساعة الحرجة قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) لعلي بن أبي طالب: «نم على فراشي، و تسبح ببردي هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم» و كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) ينام في برده ذلك إذا نام [4].