responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نسيم الصبا نویسنده : ابن حبيب الحلبي    جلد : 1  صفحه : 36
وتمسكوا بجناب تقوى ربكم ... كي تسلموا من خزيه وعقابه
وإياكم والدنيا فإنها تمكر بصاحبها، وتهدي إلى أقاربها سم عقاربها. عامرها خراب، وغامرها سراب. أمدها قصير، وإلى الفناء تصير. صفوها كدر وجرحها هدر، والخاطر بها على خطر. لأنها لا تبقي ولا تذر، بحرها العميق، كم له من غريق. فاركبوا فيها من التقى فلكا منيعة، واجعلوا شراعها التمسك بعرا الشريعة، لعلكم تبلغون الساحل، ويقدم بشير بشركم الراحل، وهي قنطرة فاعبروها ولا تعمروها، واخشوا عيون شركها المفتوحة لكسركم واحذروها:
مجاز حقيقتها فاعبروا ... ولا تعمروا، هونوها تهن
فما حسن بيت له زخرف ... تراه إذا زلزلت لم يكن؟
ابن آدم ما أكثر حرضك، وشرك ومرضك، وأجزل حرصك وأشرك، وأقوى على من دونك ظفرك، وأضعف بمن فوقك ظفرك، وأخجل من يؤنبك، وأتعب من يتعبك، ووثبك إلى صيد الحرام، وأشد شرهك على الحطام. أما علمت أن الشره، في عين الرجل مره؟ لا بالقليل تقنع، ولا من الكثير تشبع، ولا إلى المواعظ تصغي، ولا تبغي أنك لا تبغي. أنفاسك معدودة وأوقاتك محدودة، ومالك عارية مردودة، وذاتك الموجودة عن قريب مفقودة:
وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوما أن ترد الودائع
ويحك أتحسب أنك تترك سدى؟ أو أن الحقوق تبطل بطول المدى؟ كلا يا كليل الذهن، لتبعثن يوم تكون الجبال كالعهن، ولتحاسبن على الذرة والبرة إن الله لا يظلم مثقال ذرة:
تنبه أيها المغرور واسأل ... إلهك مرة من بعد مره
وقف بالباب معتذراً لتحظى ... من البر المهيمن بالمبره
ولا تركن إلى الدنيا ففيها ... من الأحزان ما يخفي المسره
ألا بعداً لها من دار قوم ... بها يرضون وهي لهم مضره
تعر من الذنوب، فعن قريب ... تحل من الممات بك المعره
وبالنزر إقتنع، فالحرص ذل ... وإياك الهوى وتوق شره
وحلو العيش لا تقربه واصبر ... وإن كانت حميا الصبر مره
يا أرباب الملابس الفاخرة، الدنيا خلقت لكم وأنتم خلقتم للآخرة. وما هذه الغفلة التي رانت على قلوبكم؟؟؟؟! ما هذا الطمع الذي ألحق بالعبيد أحراركم؟؟! آما آن لكم أن تنيبوا؟ وتصغوا إلى داعي الفلاح وتجيبوا؟ بلى والله آن، وظهر فجر الحق وبان، فاجنحوا إلى الطاعة، ولازموا أهل السنة والجماعة، واشتملوا على الخيرات قبل أن تمزقوا، " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا "، وأخلصوا في الأعمال، واقطعوا حبائل الآمال، وتزودوا للرحيل عن الوطن، واجتنبوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتحلوا بعقود المكارم، وتخلوا عن انتهاك المحارم، وجدوا كي تنالوا جد المجتهدين، " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين "، واعقلوا بالشكر شوارد النعم، وصونوا أعراضكم ببذل النعم، واتخذوا الصبر على البلوى عدة وجنة، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة:
أحسن بها من جنة عالية ... قطوفها للمجتني دانيه
آذان أهليها أولي العزم لا ... تسمع فيها أبداً لاغيه
وجوههم فيها ويا حسنهاناعمة مرضية راضيه
الحور والولدان من حولهم ... يسعون في روضاتها الزاهية
كم سرر للوفد مرفوعة ... فيها، وكم من أعين جاريه
مبثوثة فيها زرابيها ... موضوعة أكوابها الصافية
فاجتهدوا كي تدخلوها غداً ... يوم دخول الفرقة الناجية
نام کتاب : نسيم الصبا نویسنده : ابن حبيب الحلبي    جلد : 1  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست