نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 1 صفحه : 427
يكن يعدو، فإذا كان يعدو وجب قتله قطعا و إلا فوجهان: أحدهما يجب قتله، و الثاني يجوز قتله، و يجوز إرساله و هو ظاهر نص الشافعي. فالوجهان في وجوب قتله، و أما اقتناؤه فلا يجوز بحال كما صرح به في شرح المهذب و غيره. و في سنن أبي داود من حديث عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أحسبه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الكلب و الحمار و الخنزير و اليهودي و المجوسي و المرأة الحائض، و يجزئ عنه إذا مروا بين يديه قذفه بحجر» . و فيه [1] أيضا من حديث المغيرة بن شعبة رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال [2] : «من باع الخمر فليشقص الخنازير» . قال الخطابي: معناه فليستحل أكلها. و قال في النهاية: معناه فليقطعها و يفصلها أعضاء كما تفصل الشاة إذا بيع لحمها. و المعنى: من استحل بيع الخمر فليستحل بيع الخنزير، فإنهما في التحريم سواء، و هذا لفظ أمر معناه النهي، تقديره من باع الخمر فليكن للخنازير قصابا. و جعله الزمخشري من كلام الشعبي.
الأمثال:
قالوا: «أطيش من عفر» . و العفر ولد الخنزير، و العفر أيضا الشيطان، و العفر أيضا العقرب، و قالوا: «أقبح من خنزير» . و قالوا: «أكرهه كراهة الخنازير الماء الموغر» . و أصله أن النصارى تغلي الماء للخنازير فتلقيها فيه لتنضج، فذلك هو الإيغار. قال أبو عبيد: و منه قول الشاعر:
و لقد رأيت مكانهم فكرهتهم # ككراهة الخنزير للإيغار
و قال ابن دريد: الإيغار أن يغلى الماء للخنازير فتسمط و هي حية.
إشارة:
ابن دريد هو محمد بن الحسن بن دريد أبو بكر الأزدي البصري إمام عصره في اللغة و الأدب و الشعر، و من جيد شعره المقصورة التي مدح بها الشاه بن ميكال و ولده إسماعيل و عارضه فيها جماعة كثيرة من الشعراء، و اعتنى بمقصورته جماعة من العلماء، فشرحوها. و من تصانيفه الجمهرة و هو من الكتب المعتبرة، قال بعض العلماء: ابن دريد أعلم الشعراء و أشعر العلماء، و عرض له في أواخر عمره فالج، فكان إذا دخل عليه الداخل ضج و تألم لدخوله و إن لم يصل إليه و سقي الترياق فبرئ منه و رجع إلى أسماع تلامذته ثم عاوده الفالج بعد حول، لغذاء ضار تناوله فكان يحرك يديه حركة ضعيفة، و بطل من محزمه إلى قدميه. قال تلميذه أبو علي: كنت أقول في نفسي إن اللّه تعالى عاقبه بقوله في المقصورة حين ذكر الدهر بقوله [3] :
مارست من لو هوت الأفلاك # من جوانب الجوّ عليه ما شكا
فوا حزني إن لا حياة لذيذة # و لا عمل يرضي به اللّه صالح
ثم قبض. قال ابن دريد: سهرت ليلة فلما كان آخر الليل رأيت رجلا دخل علي في المنام فأخذ بعضادتي الباب و قال: أنشدني أحسن ما قلت في الخمر، فقلت: ما ترك أبو نواس لأحد
[1] رواه النسائي في القبلة: 7. و ابن ماجة إقامة: 38. و ابن حنبل: 1/247-347.
[2] رواه أبو داود بيوع: 64. الدارمي أشربة: 9. ابن حنبل: 4/253.